10 سبتمبر 2025
تسجيلالنضج من أجمل المراحل التي من الممكن أن يصل إليها المرء، لأنها (حالة) عقلية وعاطفية وسلوكية، غير مرتبطة -كما يظن البعض - بالتقدّم في العمر إلزاماً.. حيث إنها مستوى وعي، وطريقة للنظر للحياة، من أهم أماراتها أنك عندما تنضج ستصبح راحة بالك أولى أولوياتك.. ستُدرك جيداً أن معاركك السابقة لم تكن ذات جدوى.. فلا طائل من جدالٍ همّك فيه إثبات صحة رأيك ! ولا نفع من قلقٍ لا يُقدّم لك شيئاً ولا يؤخر ! ولا فائدة تُرجى من حمل همٍّ قريبٍ أو صديقٍ لا تملك له ضراً ولا نفعاً ! وأن الصمت في أحيانٍ كثيرة عبادة الأحرار، ويُجزي عن فضول الكلام ! ستُدرك بشكلٍ جلّي أنه ليس من الضروري أن تنتصر في كل معاركك ! ولا أن تعوّض كل خساراتك، ولا أن تربح كل نزال، ولا أن تكون على حق في كل حين ! فللحياة إقبالٌ وإدبار، وارتفاعات وانخفاضات.. إذا ارتقيت لجبالها يوماً فلا بأس أن تتنزه في سهولها مرة ! ستبصر جيداً قيمتك في عين نفسك.. فلن يُؤثر فيك ما يُقال عنك، ولن يؤرقك ما سيقوله الناس عند إقدامك على أمر، أو إتيانك لفعل أو ممارستك لما تحب وتهوى.. ستقلّ عندك الاعتبارات، وتنخفض عندك الحسابات.. ستكون أقرب ما تكون إلى السلام.. وستكون أدنى ما تكون من السكينة والاطمئنان وكلما زاد (نضجك)، أدركت أن الحياة (نسبية) جداً ! فما يناسبك ويتوافق معك قد لا يناسب غيرك.. وما تنسجم معه الآن في مرحلتك الحاليّة، ووعيك وإدراكك الحالي قد لا يُشبهك بعد فترةٍ من الزمن.. وأن كل تجربة في الحياة فريدةٌ من نوعها مهما بلغ تشابهها مع غيرها.. وأن (لكل مقامٍ مقال)، ولكل حالٍ ظروفه وملابساته.. والقرار الذي اتخذته ونجحت بسببه، ربما يكون هو نفسه سبب فشل أحدهم ! هذا النضج سيسمح لك لأن تكون أكثر مرونة في تعاطيك مع الأمور، وأعمق إدراكاً في تقييمها، وسيتيح لك فسحة الاستمتاع بمباهج الحياة بروّية دون الاقتتال أو السعي المفرط، أو البحث عن الأفضلية، لأنك تدرك حينها أن هناك اختلافا بيّنا بين أن تُجرّب وتعيش الحياة وبين أن تكون مجرد كائن حيّ ! *لحظة إدراك: الجميل بأن النضج مرحلة لا ينفع أن تتظاهر بها أبداً إن لم تكن قد وصلت لها فكراً وعقلاً وعاطفةً وسلوكاً حتى أصبحت فيك كالسجيًة، تدفعك للإحجام عن التردّي لحضيض التفاهات، وسفاسف الأمور، وتجعلك ترى الحياة بمنظورٍ آخر أكبر قيمةً، وأكثر تريثاً وحكمة.. والأهم أكثر (متعة) و(بهجة) !