10 سبتمبر 2025
تسجيلميثاق الأمم المتحدة حظر كافة أشكال التهديد باستعمال القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية مزاعم دول الحصار ضد قطر تفتقر إلى أي أساس قانوني دولي إن مصطلح الأمن من المصطلحات التي تفتقر إلى معيار موضوعي ثابت ومتفق عليه، حيث اختلف فقهاء القانون الدولي حول تحديد مفهومه ونظامه نظراً لاختلاف الزمان والمكان ونظرة الدول إلى مصالحها الذاتية، وقد تعددت أوصاف الأمن في الوقت الحالي، فمنها ما يطلق عليه بالأمن الوطني والأمن القومي والأمن الدولي والأمن الإقليمي والأمن الجماعي، كما قد تشعبت أبعاده لتشمل الأمن الاستراتيجي والأمن الاقتصادي والأمن السياسي والأمن البيئي والأمن الاجتماعي والأمن الصحي والأمن السيبراني. كما لم يتم الاستقرار على تعريف جامع مانع وموحد للأمن وأبعاده، ومع ذلك يمكن تعريف الأمن، بصفة عامة، بأنه المتطلبات المادية واللوجستية التي تتمكن بها الدولة من تأمين قدراتها في مختلف المجالات الحياتية الاستراتيجية في مواجهة ما قد يهددها في الداخل أو الخارج في كل الأوقات. وقد استخدم مصطلح الأمن القومي للتعبير عن مجموعة سياسات تتخذ لضمان سلامة إقليم الدولة والدفاع عن مكتسباتها في مواجهة خصومها، سواء في الداخل أو الخارج، وأحياناً أخرى يستخدم المصطلح للدلالة على السياسات المتعلقة بمجموعة من الدول في بقعة إقليمية واحدة تجمعها عناصر مشتركة، مثل الأمن القومي العربي أو الأمن القومي الخليجي. ورغم أن أولى أهداف إنشاء منظمة الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين، إلا أن الميثاق لم يضع تعريفا للأمن الدولي، وإنما الواضح من أحكام الميثاق وقرارات المنظمة المتتالية في مجال السلم والأمن الدوليين توضح ارتباط مفهوم الأمن بما يحقق السلام الدولي ويحافظ عليه ويمنع العدوان وهي الحالات التي تبرر تدخل مجلس الأمن باتخاذ ما يلزم من تدابير وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. *حظر التهديد بالقوة وقد حظر ميثاق الأمم المتحدة كافة أشكال التهديد باستعمال القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية كمبدأ عام، إلا أنه استثنى من ذلك حالة الدفاع الشرعي ضد عدوان مسلح فعلي، والحالات التي يتخذ فيها مجلس الأمن تدابير المنع والقمع وفقا للفصل السابع من الميثاق في حالات التهديد للسلم والأمن الدوليين أو العدوان المسلح، كما أقر العمل الدولي من خلال الأمم المتحدة إمكان استعمال القوة لتحقيق أغراض إنسانية (حالة التدخل الإنساني)، أو لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالأمن الجماعي الدولي. ولكن هل يمكن لدولة أو لمجموعة دول أن تلجأ إلى القوة عن طريق اتخاذ تدابير قسرية ضد دولة أو دول أخرى بدعوى حماية أمنها القومي، وذلك مثل حظر الطيران والملاحة البحرية والأعمال الانتقامية والحصار؟ وكما ذكرنا آنفا أن مفهوم الأمن القومي من المفاهيم غير ثابتة الدلالة، ونظرا لغلبة طابع الاكراه والعنف على التدابير القسرية المضادة، فإن ضررها يفوق مزاياها وتتنافى مع تحقيق الاستقرار في العلاقات الدولية، كما أنها وإن كانت مقبولة ومشروعة في ظل القانون الدولي قديما قبل نشأة الأمم المتحدة، حيث لم يكن محظوراً استخدام القوة في العلاقات الدولية، إلا أن القانون الدولي المعاصر لا يقرها في إطار عدم إقراره لاستخدام القوة أو التهديد باستعمالها كمبدأ عام، في العلاقات الدولية. هذا بالإضافة إلى أن اتخاذ مثل تلك التدابير بطريقة عقابية من دولة أو دول بمفردها دون أن يكون ذلك مستندا إلى قرار من منظمة الأمم المتحدة أو من منظمة دولية مختصة يعد من التصرفات التي تقوض نظام الأمن الجماعي الدولي بل ويهدد السلم والأمن الدوليين بما يستأهل تدخل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة لاتخاذ قرارات وتدابير عقابية ضد الدولة أو الدول التي انفردت دون مبرر قانوني، ومن منطلق مصالحها وأطماعها الذاتية، باتخاذ تلك التدابير. *مزاعم دول الحصار وعلى هذا فإن مزاعم دول الحصار بأن ما اتخذوه من إجراءات الحصار ضد دولة قطر بغية حماية أمنها القومي هي مزاعم تفتقر إلى أي أساس قانوني دولي بل إنها تعد من الأعمال غير المشروعة وفقا للقانون الدولي التي تستتبع مسؤولية من قام بها قانونا كما تستوجب التحرك الدولي ضد هذه الدول من خلال جهاز الأمن الجماعي الدولي في إطار الأمم المتحدة وهو مجلس الأمن، واتخاذ ما يلزم من تدابير منع وقمع وفقا للفصل السابع من الميثاق لوقف كل ما قد يهدد السلم والأمن الدوليين.