14 سبتمبر 2025
تسجيلتشكل الفضاء الإعلامي العربي باتجاه واحد خاضع ذليل لما يطلب منه من قبل القيادات القابضة على عنق السلطة. كانت إذاعة "صوت العرب" المصرية في 1967، تزف إلى الملايين الانتصارات العسكرية العربية على العدو وتصف سقوط طائراتهم العسكرية كالذباب، في الوقت الذي شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة، وسقوط مدينة القدس وباقي أرض فلسطين وجزء من مصر (سيناء وغزة) وشمال الأردن (الغور والضفة) وجزء أساسي من سوريا (مرتفعات الجولان وأنهارها).الهزيمة سميت نكسة قبل أن تتوج بالنصر الأكبر، حين فشلت إسرائيل في قتل القائد العظيم الناصر وإسقاط نظام حكمه التقدمي العربي القومي؟! مرورا بالصحف والمجلات والتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى والتي كانت تدار بشكل علني أو مستتر مع التوجهات والأجندات لكل دولة، فلا يسمع ويقرأ ويشاهد إلا ما تتم مباركته وما ترضى عنه الحكومات وتجيزه السلطة والدائرون في فلكها، وصولا إلى الإعلام الفضائي والخاص، الذي لم يستطع التغريد خارج السرب، وظل مجرد واجهة خارجية لإرضاء الدول الأجنبية والمنظمات الدولية والحقوقية، والادعاء أن هناك إعلاما حرا ومستقلا يتناول السلبيات في الدول العربية والغربية الأخرى ولا يعرج على الدولة التي يسترزق منها!الحال لم يتغير كثيرا في مؤسسات الإعلام العربي التقليدية وشخوصه، والتي لا تزال مرتبطة بالسلطة وأدواتها، إلا أن السنوات الثلاث الماضية شهدت تبدلا في التعامل وأرست قواعد مختلفة وفرضت واقعا جديدا يتشكل، وقد يقود إلى ثورة جذرية متواصلة تطيح بكل ما تم قبوله كحقائق مطلقة عن الأمر الواقع، غير قابلة للتغيير والتبديل في المشهد الإعلامي العربي. وما شهدناه مع انطلاقة موجة الثورات في بعض البلدان العربية هو مجرد بداية لتحول كبير وعميق ولن تقف عجلة التاريخ في مكان وتستثني آخر، وشهدنا كيف اعتمد الشباب والجيل الجديد على استخدام وسائل الإعلام الجديد وتوظيف شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وتويتر، واليوتيوب، في إسقاط أنظمة استبدادية وقيادات ديكتاتورية وفضح التآمر وكشف الفساد والتسلط والاستبداد السياسي، الدولة العميقة.ما ميز هذه الوسائل أنها وقفت في وجه جميع وسائل الإعلام التقليدية وكسرت جميع الخطوط الحمراء، فتشكل مع هذا الفضاء الافتراضي الفضاء العام أو المجال العام الذي أشار إليه الفيلسوف الألماني يورقن هابرماس، وهو ما ساعد في خلق الوعي والإدراك وساهم في التحرك والمطالبة بالتبديل وصناعة التغيير والذي هو قادم لا محالة ليطول الآخرين مهما حاولوا الوقوف في وجهه ومنعوا دخوله، إن المسألة كلها مجرد وقت فقط كما يعلمنا التاريخ؟!