11 سبتمبر 2025

تسجيل

وليمة تحت شرف المُتوفى!

20 سبتمبر 2022

إن من أصعب المِحن التي يُصادفها البشر في هذه الحياة الدُنيا مفارقته لشخص ما من عائلته، أبنائه، أحد أقارب أو صديق وذلك بسبب الوفاة. وقد يكون الأمر أشد ألماً وصعوبة عند فقدان شخص بموت الفجأة أي دون مُقدمات في مرض أو علامات كانت تدل على سوء حالة المُتوفى، فقد كان بالأمس صحيحاً معافى فوق الأرض واليوم يُدفن تحت التراب. فقد استحدث أمر لم يُعهد في الأزمان السابقة وهو ما يتم من مأدبة غداء وعشاء في حق المُعزين لأهل المُتوفي، فعلى الرغم من المصاب الذي أصاب أهل المُتوفي فقد أصبحوا في هم آخر وهو الاستعداد والإعداد والاتفاق مع جهة لإعداد للولائم وعلى كره من ذلك، فالمناسبة إعداد الطعام في فقيدهم المُتوفى!. فحين أن الأمر كان في السابق تطوع الجار أو أقرباء المتوفى بإعداد الطعام لأهل المتوفى وذلك تخفيفاً عليهم وتقديراً لانشغالهم في مصابهم واستقبال المُعزين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم. رواه الترمذي وأبوداود وابن ماجه وصححه الألباني. فالطعام هُنا عون وإسناد لأهل المُتوفى وليس للمُعزين!. كما أن الأمر لم يقتصر على شرب القهوة، بل أصبح حملاً ثقيلاً على كاهل الكثير من أهالي المُتوفين وذلك من التكاليف الباهظة لأسعار الذبائح والأعداد الكبيرة الواجب إعدادها للرجال والنساء وبشكل يومي وحتى انتهاء فترة العزاء، ويخرج هذا الأمر عن شأن الكرم والجود فيمن يرجى التقصير في عدم وجود ولائم من قبل أهل المُتوفى فالشأن هُنا مصابٌ وهمٌ قد أصابهم والمرجو من العزاء هو تخفيف مصاب أهل المُتوفى من زيارة المُعزين والتعاضد مع أهل المُتوفى للتخفيف عليهم والحديث واضحٌ في ذلك. والمُضحك المُبكي على حال بعض المُعزين في إعطائهم الرأي في نوعية الطعام المُقدم ووجوب استبدال الجهة المُعدة للوليمة لليوم التالي للعزاء، ناهيك عما يدور في العزاء من حديث فيه من المزح والانشغال بأحاديث عن الأعمال والمشاريع الدنيوية وكأن هذا الشأن من الضروريات التي يجب أن تُناقش في هذا الوقت!. نرى أن هذه العادة هي عادة غير حميدة وليست في محلها وقد اُستحدثت في شأن لا ينبغي أن يكون محلاً للتباهي والإسراف وإعداد وليمة تحت شرف المُتوفي، فنرجو أن تبدأ هذه العادة في الاندثار تدريجياً بوعي المجتمع والأفراد.