11 سبتمبر 2025

تسجيل

ارفع واكبس

20 سبتمبر 2021

إذا كان الفساد في دول العالم الثالث منتشراً على نطاق واسع لربما لا نستطيع تخيل مداه ولا حجم أمواله، ولا تغلغله في مفاصل الدول، وهو مثل الجراد يأكل خيرات الأرض التي فوقها أخضرها ويابسها ويخرب المحاصيل ويقضي على الغلال ويجعلها أثراً بعد عين، ولا يترك شيئاً صالحاً للآخرين؟! لكن الفساد يزيد على الجراد بأنه يأكل حتى ما تحت الأرض. والدول في حقيقة الأمر هي من ساهم فيه ربما تدري أو من حيث لا تدري، وهي من زرع بذرته الخبيثة عندما غضت الطرف عن بعض ممارسيه لنهب المال العام وممتلكات البلاد والعباد. وهناك توأم آخر للفساد المالي وهو لا يقل عنه سوءاً وله أثر سيء واسع النطاق قد يمتد سنين طويلة، ألا وهو الفساد الإداري وهو حدث ولا حرج. وهو، حقيقة، هو الآخر من صنع الدول التي تقوم به وهو حجر عثرة في وجه التقدم ويكلف خزانتها أموال طائلة، فنحن نعلم بأن مقاييس اختيار المسؤولين مختلة لا تعتمد على الكفاءة والأمانه والفهامة، ولكن على المحسوبية والواسطة وعلى تبادل المنافع بين المسؤلين أنفسهم. وإذا كان للأمراض جين وراثي، فللمناصب كذلك جينات وراثية متعددة، تتركز في فئات مجتمعية لا تخرج المناصب عن نطاقهم كما للمجاملات فعلها وهذا ابن فلان وعلان. وكذلك أصبحت باباً من أبواب الاسترزاق "خذ منصباً كبيراً وبدلات، وبعد ذلك اذهب إلى البيت واسترخِ واعمل تمارين اليوغا وغيرك ربما يعمل بجد واجتهاد قد يموت ولا يحصل على مثله". ففي دول العالم الثالث ما أكثر ما تشاهد من على شاكلة الرويبضاء، ومن العاهات يتسيد مصالح كبيرة والخطأ فيها مكلف وهو لا يستطيع أن يدير عزبة أغنام، وبعد فترة يخربها ثم يجلس على تلتها أو يقال له اذهب إلى البيت والراتب كما هو والبدلات، وربما يُكافئ بالعطايا المفرحات المعروفة التقليدية البرج والشاليه والمزرعة أو بأراضٍ تجارية في أغلى الأماكن؟!! فعندما تعلم بأنه تم تعيين أحدهم والزج به في خضم وزارات ومؤسسات بها مصالح مهمة وموظفون كُثر تصاب بالدهشة والاستغراب! وأحيانا ترى أحد المسؤولين يتصرف تصرفات غريبة وكأنه يتصرف من مال أبيه ويوزع أملاك الدول على مزاجه يعطي هذا ويمنع عن هذا، ويفرق في العطايا ويعمل للدولة حساسيات مجتمعية بين أفراد المجتمع، وقد يحرج المسؤولين الذن عينوه و يتجاوز صلاحياته إلى أبعد مدى. لكن السؤال.. لماذا لا ترى مثل هذه الأشياء تحدث في العالم المتحضر؛ فلا محسوبية ولا قرابة ولا واسطة ولكن تحكم في هذا الموضوع عوامل عدة على رأسها الكفاءة والإنتاجية والخبرة وحسن التصرف ولا تطوف على الجهاز الرقابي المالي أي تجاوزات مالية مهما صغرت أو كبرت. أكتفي بهذا القدر حتى لا يحصل المقال على كرت أحمر من الأخ العزيز رئيس التحرير. [email protected]