15 سبتمبر 2025

تسجيل

أريد أن أعيش

20 سبتمبر 2016

إما أن أكون جريئة بما فيه الكفاية؛ كي أُعَرف من في الخارج بما يحدث في الداخل، وإما أن يكون ما في الداخل قد تجرأ علي فعلاً، وسئم ما يعايشه رغماً عنه بعد أن ضاق ذرعاً منه، فهرب وتجاوز الحراسة المُشددة التي تتولاها جماعة (ما يجوز وما لا يجوز)، وتخطى كل تلك الحدود التي فرضت عليه عزلة إجبارية رفضها دون شك، ولكنها لم تلتفت إليه وأبقته بعيداً ولفترة من الزمن لا يُستهان بها من عمري، والآن ها هو يحلق ضمن مساحة (هذا العمود)، الذي قد يبدو صغيراً للبعض، غير أنه بالنسبة له أوسع من فناء قلب ما عاد يستوعبه ويحتمل وجوده، ومن يدري؟ لربما يكون هذا الأخير هو من قد سئم جنونه فعطل جهاز الإنذار، ورحب بتقصير الحراسة وللحظات تسمح لكل ما كان يجوب أعماقي بالهرب والوصول إلى هنا حيث (أنا) وساعة تزويد هذا العمود بما لدي؛ كي يُنشر كما جرت العادة، غير أنه ما قد وصل؛ ليُخالف تلك العادة، ويُغيرها بإضفاء جديد يُعبر عنه وسيكون له بعد أن يُمسك بالقلم، ويفرض علي ما يجدر بي قوله ولم أكن لأسمح به من قبل، ومنه: - لطالما سخرت كامل وقتي ومعظم جهودي؛ لخدمة من حولي ولدرجة أني قد خصصت جانباً من صفحتي الأسبوعية (الزاوية الثالثة) لهذا الهدف الإنساني النبيل، وتحت عنوان (فضفضة) حتى صارت الصفحة بما فيها كصدر حنون يرحب بالأوجاع والأحزان؛ كي يُهدأ من روعها ويُزيح عنها ألمها الذي ألم بها، وإنها لراحة عجيبة تلك التي تسكن القلوب بمجرد أن تُفرغ ما في جُعبتها !What a relief، فالتخلص من كل ما يُطبق على القلب يُحرر صاحبه مما فيه ويفك قيوده؛ كي ينطلق من جديد ويبدأ من نقطة جديدة -وإن لم تكن تلك التي توقف عندها من قبل- ولأني أدرك ذلك بشكلٍ جيد كنتيجة حتمية حصدتها منذ أعوام ولا مفر لنفسي منها، فإن مجرد الوقوف على جانب الطريق ومشاهدة (عملية تحرير النفس) تلك -بنظرات تتحكم بها توليفة من الأحاسيس الغريبة- تُسعدني وتُنعش روحي، التي تحلم بأن تعيش تفاصيل ذاك التحرير وتتجاوز مرحلة المشاهدة دون أن تفكر بالعودة إليها أبداً؛ لأن الفضفضة رائعة، مُريحة، فهي كإنهاء فصل رواية تعقبه الكثير من الفصول، التي تترقب من يصل إليها، ويدرك منها وفيها كيفية تحول الأمور (من وإلى)، والتقدم الذي تحرزه الشخصيات في طريقها إلى النهاية، التي أطمح وعلى الدوام بأن تكون سعيدة فأنا لا أقبل بغير ذلك، وأعتقد بأن الوضع ذاته ينطبق على الزائر الذي طل علي من الأعماق. - كل من سمحت لهم الظروف بالفضفضة من خلال (الزاوية الثالثة) قد حصلوا على ما كانوا يحلمون به وأدركته من خلال ردودهم الخاصة، وهو ذاته ما أحلم بأن يكون لي وإن كان ذلك لدقائق فقط، أرفع فيها الغطاء عن تلك الكتلة التي تطبق على صدري وتخنقني كل الوقت، الكتلة التي تمنعني من فعل ما أريد وكما أريد، والحديث عن (الكتابة) التي يعتقد من يعتقد بأني أمارسها كما أحب وأريد، في حين أني لا أفعل ذلك (كل الوقت)، فما أريده يختلف تماماً عن هذا الذي يُدرك عني؛ لأني أملك المزيد مما أريد كشف النقاب عنه غير أني لا أعرف كيفية تحريره، والسماح له بأن يكون، والمشكلة أن التحدث في هذا الموضوع يبدو غريباً كلما تطرقت إليه؛ لذا ألزم الصمت، وأكتفي بمتابعة الكتابة في اتجاهات مختلفة تأخذني بعيداً عن (ذاك الذي أريده)؛ لأعود ومن جديد حيث كنت، وكأني لم أفعل أي شيء. - قد نفعل نفس الأشياء غير أننا وفي كل مرة نحصل على نتيجة مختلفة لا تروقنا، ولكننا لا نستطيع نبذها؛ لأنها منا؛ لذا نستمر على ما نحن عليه حتى نصل لتلك اللحظة التي ندرك معها مذاقاً مختلفاً وليس له أي مثيل، فنصرخ من شدة الفرح That is what we are talking about ويا إلهي ما أجملها تلك اللحظة من لحظة أشتاق إليها وأرغب بها وبشدة. - لكل فرد منا همومه التي تطبق على أنفاسه وتكاد تخنقه؛ لملاحقتها الدائمة والمُستفزة له، والتي لا يدركها سواه؛ لذا لا يشاركه الشعور بالألم أي أحد؛ ليبدو الوضع على خير ما يُرام وإن لم يكن كذلك فعلاً، ويبقى على صاحب الشأن اتخاذ القرار المناسب، فإما أن يسعى وبجد؛ لمعالجة الوضع والتخلص من همومه كما يجب، وإما أن يسعى وبجد؛ لمعالجة الوضع والتخلص من همومه كما يجب، (حسناً) قد تبدو الخيارات هي ذاتها، وبصراحة هي ذاتها فعلاً وذلك؛ لأنها الأحق بأن تكون ولا حق لأي شيء سواها بأن يكون، أليس كذلك؟ هل تعرف لماذا أكتب؟ الكتابة هي حياتي وبها أعيش؛ لذا أريد أن أعيش كل تفاصيلها وإن كان ذلك بشيء من الجنون الذي لا أخجل منه، ولكني أجد من يرفضه ويفرض علي قوالب أخرى سواه، ويهمني بأن يعرف ما تعنيه الكتابة لي، وأن ما أفعله من خلالها ليس من أجل لقمة العيش، ولكنه ما يكون مني كي أعيش، وعليه لطفاً تقبل ما أفعله، ولتسمح لي بأن أكتب ما أريد، فكل ما أريده هو أن أعيش. وأخيراً لا أعرف أي نوع من المقالات هو هذا المقال؟ ولكني أدرك تماماً أن شيئاً (ما) في أعماقي يريد التحرر ومن أعماق قلبه، وكل ما علي فعله هو السماح له بذلك.