30 أكتوبر 2025
تسجيلقبل عام من الآن، وبالتحديد بتاريخ 21/9/2014م، كتبت مقالة تحت عنوان "وزارة التنمية الإدارية"، وتحدثت فيها حول انطباعي الخاص بعد الحصول على أول دورة في مقرهم الجديد في برج الوزارة، وما لمسته من تطور وقفزة نوعية تمت مع الانتقال، الذي صاحبته خدمات مريحة تتيح استغلال أقصى قدرات المدرب الذهنية، وتؤثر في استعداد المتدربين إيجاباً، والمقالة موجودة على موقع "بوابة الشرق" لمن يريد العودة إليها، وقد لاقت الكثير من التفاعل، فهناك من أثنى وأكّد كل ما ذُكِر، وهناك من ألمح لي بأنني أبالغ، والأخير قلت له لا تحكم إلا بعد أن ترى، فبعد حصولك على دورة هناك سيكون حكمك عادلاً، وسوف تتكلم عن واقع تجربة، فليس من رأى كمن سمع، وبالفعل التحق الأخ الكريم بعد مدة بدورة هناك، وبعد أن أنهى دورته قال لي مباشرة: أحسنت والله، إنك لم تبالغ في كلامك، بل أحسست بأنك مقصِّر لأنك لم تعطِهم حقهم كاملاً، فقلت له لسنا في حال المجاملة في مثل هذه الأمور، ونحن في مرحلة يجب أن نكون فيها شركاء في النهوض بكل مؤسسات الدولة وفي شتى المجالات، والحمدلله أنك تأكدت مما ذكرته، فالناس قد تجامل أي عمل أو جهد لأي شخص أمامه ولمدة معيّنة، لكن المؤكد أن ذلك لن يستمر طويلاً، لأن الأمور حتماً ستتكشف في أقرب وقت وأسرع فرصة، ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح.وفي الأسبوع الماضي التحقت بدورة في معهد الإدارة العامة، ومن محاسن الصدف أن تكون بعد عام بالكمال والتمام من أول دورة حصلت عليها هناك، وقبل التحاقي بالدورة حدثت نفسي بأن الوصول إلى القمة ليس بالمهمة الصعبة إذا توافرت عناصر النجاح والتقدم، لكن الصعوبة الكبيرة تكمن في المحافظة على النجاح والاستمرارية في ذلك، نعم... هذا هو التحدي الأكبر، وكنت أتساءل: هل ما زالت الخدمة ذات خمس نجوم؟! هل العناية باختيار المدرب ما زالت كما هي دون مجاملات لبعض المدربين وأصحاب النفوذ؟! هل الأوقات المختارة بعناية ما زالت كما هي؟! هل ازداد عدد موظفي المعهد وبالتالي اضطروا إلى توسعة الأماكن ووضع المكاتب لهم على حساب قاعات التدريب؟! هل الوقت ما زال مقدساً لديهم فيأتي الموظف في كل طابق للتذكير بموعد الاستراحة أو موعد الانصراف حتى لا يُتجاوز الوقت المحدد للدروة؟! هل الأدوات المساعدة والخدمات المقدمة والحديثة ما زالت على الوضع نفسه؟! هل المواقف المخصصة للمتدربين ما زالت متاحة لهم، أم أنها خصصت للأعداد الكبيرة التي انضمت إليهم ولم تعد تتسع؟! هل الكافتيريا ما زالت تعمل بالهمّة نفسها والنشاط والنظافة والتنظيم ذاته؟! هل المصلّى ما زال قائماً؟! هل ما زال المسؤولون يتفقدون المتدربين في القاعات ويطلبون منهم إبداء آرائهم وأي ملاحظات حول أي مشكلة يواجهونها أو يلحظونها؟! هل.... وهل.... الكثير من الأسئلة كانت تدور في ذهني، حتى في صباح ذلك اليوم وأنا ذاهب للالتحاق بالدورة، وعندما وصلت وتجولت في المعهد وجدت الأمور كما هي، بل إنها تطورت إلى الأفضل ولله الحمد، مما أثلج صدري وأفرحني، ففي اليوم الأول شرّفنا السيد هادي بن سعيد الخيارين المدير العام لمعهد الإدارة العامة كعادته مرحباً بالمتدربين، ومشدداً على الاستفادة القصوى من الدورة والمدرب، طالباً منا إبداء أي ملاحظات نراها منذ التحاقنا بالدورة حتى نهايتها، وهذه الرسالة والمضمون عامل محفِّز لكل ملتحق بأي دورة في المعهد، بل إنني وجدت أثرها في المدرّب قبل المتدربين، وسمعت شهادات حول المعهد وما يُحققه من إنجازات، وهذا كله لم يكن وليد الصدفة، بل بالعمل والجد والمثابرة، ونحن نتحدث عما لمسناه ووجدناه، وهناك أشياء لا بدّ من الإشارة إليها، منها أن المدرِّب كان شاباً يافعاً يتمتع بالحيوية والنشاط، ولم يكن يحمل لقب دكتور، ذلك اللقب الذي يُنظر إليه بعين الرضا والتقدير بغض النظر عن القدرات، وكان المدرب متميزاً في تقديمه، وهذا ما لفت انتباهي وانتباه معظم المتدربين منذ الوهلة الأولى، ولم نكن نعرفه من قبل، بل إنني لم أرَه أو حتى أسمع عنه قبل هذه الدورة، وكان وقت الدورة يمرُّ علينا كلمح البصر، فلا نشعر إلا وهو يقول جاء وقت الاستراحة، وعند انتهاء وقت الدورة يفاجئنا بالقول: في أمان الله، أراكم غداً إن شاء الله، فنفاجأ ونتأكد من الوقت، فقد كان يتعامل معنا بروح الاستفادة، وكانت الدورة ممتعة بما تضمه من معلومات ومهارات وألعاب تدريبية تضم الكثير من الرسائل، وقد تميز المدرب في تقديمها، وهو الأستاذ علي الرشيدي من سلطنة عُمان الشقيقة، وهذا يدلّ على أن المدربين يُختارون بعناية كبيرة بعيداً عن الشهرة والألقاب والمجاملات.ومن الأمور المهمّة الجديدة في المعهد وجود حقيبة تدريبية شاملة يجدها المتدرب في انتظاره على الطاولة المخصصة له، والأهم من ذلك تغيير موعد حضور الدورات بالنسبة إلى المتدربات وموعد انصرافهن، فالدورات المخصصة لهن تبدأ الساعة التاسعة صباحاً وتنتهي عند الواحدة ظهراً، أما الدورات المخصصة للرجال فتبدأ في الساعة الثامنة صباحاً وتنتهي في الثانية عشرة ظهراً، مما ساهم في تخفيف حدة الزحام عند الحضور والانصراف، وقد طُبّق هذا النظام منذ خمسة شهور تقريباً.والدوارات التي ينظمها المعهد كثيرة ومتنوعة، فيقام خلال العام الواحد 700 دورة تقريباً، وخصص من البرج 10 أدوار للدورات، كل دور يحتوي على 4 قاعات تدريبية. وهناك أمور كثيرة لا يتسع المجال للتطرق إليها أو أنني ذكرتها في مقالي السابق، لكن ما يلفت النظر أن التطور في المعهد مستمر، وهي مهمّة صعبة تتطلب جهوداً كبيرة، فنتمنى للقائمين على المعهد التوفيق والسداد.وحتى لا نترك واجب النقد البناء، ويعتقد البعض أننا نبالغ في ذكر الإيجابيات ونترك السلبيات، أود أن أشير إلى مشكلة واجهتها ويواجهها كل من في وزارة التنمية الإدارية من موظفين ومتدربين، وهي أزمة المصاعد، فعلى الرغم من وجود أربعة مصاعد إلا أنها لا تكفي للأعداد الكبيرة التي تتوافد على البرج، مما يستهلك أوقاتاً طويلة من الموظفين والمتدربين، وللأمانة هي مشكلة يُعاني منها جميع موظفي القطاع الحكومي في جميع وزارات الدولة، خاصة تلك التي تقع في الأبراج.