12 سبتمبر 2025
تسجيلاعتماد الآخر علينا يعني أننا ندرك ما نفعله جيداً حتى بلغنا بذاك الإدراك الدرجة التي صرنا معها نتقن بل ونُجيد كل ما نقوم بفعله، والحق أن بلوغ تلك المنزلة العالية لا يكون بسهولة، كما أن ما سيلحق به لن يكون كذلك، فنحن وكي نفعل ونصل يجدر بنا تقديم الكثير، وبذل ما هو أكثر من الجهود التي ستُحسب لنا وعلينا فيما بعد، حتى وإن كان ذلك بشكل تراكمي خرجنا بالحصيلة التي سيتضاعف حجمها ويتورم؛ ليصبح كما نريد، وهو ما سندرك مع الوقت أننا قد بلغنا به تلك المنزلة التي ستكسبنا ثقة هائلة تنبع من الأعماق وتمتد إلى الآخرين ممن سيحاولون التقرب إلينا في سبيل الاستفادة منا ومن خبراتنا، وهو ما يخلو من العيب، فالتبادل ظاهرة صحية تُنشط العلاقات التي تربطنا ببعضنا البعض، ما لم نتجاوز بها حدود المعقول والمقبول، فوقوع هذا الأخير ونعني (التجاوز) فيه من الظلم الكثير مما سيقع بشره على رأس من يتقدم بالمساعدة لغيره من باب المعروف، خاصة متى بلغ الأمر حدود الاستغلال الذي لا يرحم بقدر ما يظلم، وهو ما لن يُقبل دون شك؛ لأنه سيبدأ بسيطاً ولكن سرعان ما سيكبر؛ ليأخذ حجماً أكبر من حجمه حين يبلغ حدود الاعتماد الكلي لا الجزئي، وسيُهدد الحياة ويجعلها مريضة غير مُرضية بتاتاً، يصعب تحملها ومتابعتها؛ لنصل بذلك إلى خط النهاية وإن كنا لانزال عند خط البداية، ونرغب بفعل المزيد مما يمكن تحقيقه متى ركزنا على حقيقة أن نعطي ولكن بحساب يحافظ على حقوقنا وحقوق من حولنا. أيها الأحبة: لربما يكون هذا الموضوع الذي سنطرحه اليوم قد كُشف الغطاء عنه من قبل، ونكون قد تناولناه بالفعل، ولكن يظل إلحاحه على الظهور؛ من باب الحاجة إلى توعية من تُسلب حقوقه، ولا قدرة له على تحقيق ما يريده من الحياة؛ بسبب اعتماد من حوله عليه في كل شيء لدرجة تضيع معها وفيها حقوقه، فلا يكاد يفرغ من مهامه؛ ليتفرغ لحياته حتى يفرغ منها وينتهي أمره وكأنه لم يكن يوماً، وهو ما نمقته دون شك ولا نقبل به، وعليه فلقد قررنا تناول هذا الموضوع من جديد، وخوضه في سبيل التوصل لخير يعود بخيره على الجميع. من همسات الزاوية من الجميل أن تدرك معنى العطاء فتعطي، ولكن الأجمل أن تجد مقابلاً يوازي ما قد تقدمت به؛ كي تعظم قيمة نفسك لنفسك. ومن الجميل أن تحصد ثقة الآخر بك، ولكن الأجمل أن تحصدها لإنك تستحقها فعلاً، فلا تكون لك متى كنت في رخاء يجذب الآخر نحوك، ولكنها ما يجدر بها بأن تكون لك في كل حالاتك أي في وقت الرخاء والشقاء أيضاً، وعليه فلتبحث عن كل من يمكنه بث ذلك في نفسك؛ كي ترتقي أكثر وتصل حيث تريد بإذن الله تعالى. وأخيراً: تذكر بأن لا أحد يستطيع فرض ما يريده عليك إلا إن سمحت له بذلك، ولا أحد يستطيع أخذ ما يريده منك إلا إن سمحت له بذلك، وعليه فلتحدد أنت ما تريده لنفسك منذ البداية؛ كي تنعم بالحياة التي تريدها