29 أكتوبر 2025

تسجيل

"نعم هي حكاية الوجوه"

20 سبتمبر 2011

العودة فرصة لا تُكتب لنا كل الوقت، فبها نتمكن من إعادة تنظيم الأمور، ودراستها بشكل جدي وجديد، يضمن لنا عدم الوقوع في براثن الخطأ الذي لربما جذبنا إليه من قبل دون أن نتمكن من التصدي له. واليوم أجدها فرصة العودة وقد سمحت لي بالعودة من جديد لموضوع سبق أن طرحناه من قبل، وبالأحرى بآخر لقاء جمع بيني وبينكم هنا، وتحديداً في مساحة ساحة هذا العمود، حين كان الحديث عن الآخر، وعن لجم حق التعرف إليه بالانضمام لأنصار أستاذنا الجامعي الذي جمع خبراته الحياتية في عبارة واحدة، وحكم على البشر بها ومن خلالها وهي: (First impression is LAST) وهي تلك العبارة التي تناولتها بشيء من التفصيل حينها، ووعدت بأن تكون العودة متى كتبها الله لي من جديد وما تبقى من الحديث. إن آخر ما كان مني وطلبته منكم أيها الأعزاء وسط عبارات مبهمة بحسب ما يحسبه البعض ممن لا يتابع هذا العمود وغيره بكثير من الصدق وحُسن المتابعة، هو وجوب توخي الحذر في التعامل مع الآخر الذي تنجبه مواقف الحياة، وضرورة منحه فرصة شاسعة يجري من خلالها معبراً عن نفسه وبكل جرأة مخلصة؛ ليمنحك ـ في المقابل ـ أجود ما ستجود به نفسه الراضية، وكل ذلك لأنك قد فعلت، ولم تحرمه حق ذلك منك، فالطبيعي أن المرء يفر من نفسه، ومن عمله، ومن تقديم أفضل ما يملكه، ويُبدع فيه حين يجد فتوراً بدرجة التلقي من قبل المتلقي المتواجد معه، والماثل أمامه، أو حين يصفعه ذاك الأخير بقلة الاهتمام به، وبما يسعى إلى تقديمه إليه، الأمر الذي يجبره على نكس راية عزمه وبعزم، وطمس وجوده من الوجود والفرار بعيداً، حيث ذاك الحيز الذي ولربما ينحاز لحقيقة منحه فرصة صادقة تسمح له بالتعبير عن نفسه من خلالها. يصعب علينا أحياناً قياس الأمور بشكل جدي يُعرفنا بمقاسها الحقيقي الذي تتمتع به، فندرك على إثر ذلك حقيقتها، بدلاً من ضياعنا بين طياتها، وهو ما سيكون منا في صورة واحدة ستبدو كحالة (استنكار لما يدور من حولنا) لغرابة وقعه علينا، وذلك لأنه لا يمت لنا بأية صلة، ولكنه ذاك الذي يتغير لونه ويتحول لآخر حين نُجبر على التفكير به عالياً، وننطلق بأول ما سيقفز إلى الذهن، فننطق به وهو: (الأمر لا يستحق كل ذلك)، وهو ما لن يخطر لنا على بال، بل ولن نقبل به أصلاً حين يتعلق الأمر بنا وبشكل واضح، وعليه فإن منح الآخر فرصة للتعريف عن نفسه مرة، تسحبها مرة أخرى، حتى يصل المجموع لرقم يؤكد لنا أن فرصنا شاسعة هو (الصواب)، إذ لا يجدر بنا الحكم على الآخر بمجرد وصول فرصته الأولى إلى عتبة باب (صبرنا واحتمالنا)، حيث نعلن على رأسها رغبتنا بجديد يمطرنا بكل ما هو جديد، وإن لم تكن له قيمة تعادل ما سبقه أصلاً. وخير دليل على هذا الحديث هو التالي: المدير الذي يدير الإدارة فيرفع نفسه، ويترفع بها على الآخرين، دون أن يمنح من يستحق منهم فرصة يثبت من خلالها جدارته، وقدرته، وكل ما يتمتع به من إمكانات، فقط تجده وقد لجم حق ذاك الآخر وإنتاجه الجيد الذي يستطيع أن يرفع به مستوى تلك الإدارة، متى سنحت له الفرصة، ليكون منه ذلك، غير أنه ما لن يكون والفضل لأنصار (First impression is LAST). كذلك هو الحال مع المعلم الذي يحرم الطالب حقه من التعبير عن نفسه، وعن طاقاته التي يطمح إلى الكشف عنها، ولكنه ما لا يكون، لسبب وهو أن معلمه من أنصار (First impression is LAST)، مما يعني أنه قد أخذ فرصته، وإن كانت وهمية لم تدم إلا لدقائق ماتت بمجرد أن شعر المعلم بأن الطالب قد أخذ فرصته وبما فيه الكفاية. مما لاشك فيه أن تلك الأمثلة السالف ذكرها ليست الوحيدة، إذ إن هناك العديد منها في هذه الحياة، وكل ما عليك فعله هو التركيز بكل ما حولك، لتجدها ماثلة أمامك تعلن لك عن رغبتها بفرصة جديدة، تكون من خلالها، فهل يمكنك فعل ذلك لها؟ حتى تجدها (إجابة هذا السؤال) التي ستغير حياتك ومن حولك، فهو الوعد بأن نطل من جديد بجديد تستحقه، وحتى حين فليوفق الله الجميع. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]