17 سبتمبر 2025

تسجيل

ومقاطعة ذوي القربي أشدّ مرارة

20 أغسطس 2023

عوامل كثيرة اخترقت جداريات الاسرة وامتدت حتى طوقت العائلة ومنها المجتمعية أدت الى تصدع العلاقات الأسرية والعائلية وفي ضوئها فقد التماسك الأسري فانهار البنيان، وفقدت المودة الحميمية فحلت القسوة، واتسعت فجوة المقاطعة فحل التغريب، لم يعد المفهوم الأسري اليوم القائم على الترابط والمودة والاحترام والسكينة له وجود في ضوء مانراه اليوم من تفكك وتباعد وضعف في هذا الزمن المعاصر،. فجوة في كيان الأسرة الواحدة وفي البيت الواحد، مسافات زمنية فاصلة بين البشر شكلتها وفرضتها تلك العوامل التي دست الجفاء والمقاطعة بين الأخوة والأخوة، وبين الأبناء والوالدين وبين العائلة التي هي محور الربط للكيان الانساني وبين الجار والجار، صلة الرحم التي قال، عنها النبي ﷺ: «الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله.» غابت عن السلوك الانساني،. دون ادراك أن المقاطعة زوال للنعمة وسوء العاقبة، ففي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم» لايدخل الجنة قاطع « ألا نتذكر جائحة كورونا « كوفيد 19 « التي قضت على أسمى العلاقات الانسانية «التواصل « فرض علينا التباعد والعزلة منعا للانتشار والانتقال للوباء، أصبح التباعد معهودا والعزلة مقبولة، والتواصل الحميمي والحواري مقطوع، اليوم نلمس ثمار ذلك في استمرارية المقاطعة، حتى أصبحت عادة مألوفة تعاني منها معظم الأسر، الأخ لم يعد يرى أخاه والأب لم يتواصل مع ابنه، والجار لم يعرف جاره، وهكذا تتوالى المقاطعة بين الأسر والعائلة والجيرة، يضاف عليها الانشغال بالأجهزة التكنولوجية عبر وسائل التواصل التي شغلت الكبار قبل الصغار، والتي أصبحت الحاضنة للمشاعر، والمغذية للفكر بغثها وسمينها، وحبل للتواصل، تواصل بلا روح ولا عاطفة ولا حوار حتى في المكان الواحد، كأنهم خشب مسندة، ناهيك عن الحياة العملية الوظيفية وما طرأ عليها من تغيير في نظام مسارات العمل الوقتي ساعات متأخرة، باختلاف الوزارات والمؤسسات، خلق فجوة غير طبيعية بين أفراد الأسر، وتصبح الفردية في الطعام ديْدن معظم البيوت، العاملة هي التي تشرف على البيت والأطفال، دون ايجاد بدائل لخلق التوازن ما بين العمل الوظيفي والمسئولية الأسرية للقضاء على الصمت الذي ساد معظم البيوت، لتصبح البيوت مجرد محطة للاستراحة بعد دوام شاق من العمل، لم تحتضنهم المائدة الواحدة ولا الحوار المشترك ولا العاطفة الحميمة،، فكم هو مؤلم هذا التباعد الذي يسود الأسر، وكم هو مؤلم حين تكون المقاطعة بين الأخوة الورثة على خلافات مادية مالية زائلة، وصراعات لا حدود لها، تشهد لها أروقة المحاكم، وكما أن خروج المرأة « الأم « للعمل ساعات طويلة سواء في الداخل أو في الخارج وفي نطاق السفارات الخارجية ساعد على التباعد بين أطياف الأسرة، باعتبار أن المرأة هي المحور الرئيسي في عملية الربط والتواصل الأسري، والتجمع العائلي، كيف يتحقق ذلك في غياب هذا العنصر الهام في الحياة الأسرية، كيف نعلم الأجيال أهمية قيمة الترابط الأسري من التكافل والاخاء والمحبة والمودة، وظروف الحياة العملية والتكنولوجية تستنزف الوقت، والكثير من العوامل لا نستطيع التخلص من أنيابها، استحوذت اهتمامنا، ونشبت مخالبها في وقتنا، لم يلتقِ الأخ بأخيه ولا الوالدين بأبنائهما، ولا العائلة ببعضها الا ما ندر في ظروف تستدعي اللقاء والتجمع.