13 سبتمبر 2025

تسجيل

ما تفعله الصداقات الحقيقية

20 أغسطس 2016

على الرغم من أني قد اعتدت على تبني "التخطيط" كمبدأ أساسي لأغلب التحديات التي نسعى إليها في حياتنا فحرصت وفي كثير من المناسبات على الترويج له، إلا أني وفي حقيقة الأمر أميل إلى ترك فسحة كافية لصفحة الغيب التي تحمل بين طياتها ما لا نعرف أو نتوقع وذلك؛ كي نتقبله حين يُقبل علينا دون أن نُعاني أو نتألم منه وبسببه بعد أن ينتهي من وصلته، خاصة وأن النهايات التي تلحق بأي تخطيط سبق له وإن كان منا لا تكون كما نريد، ولكن كما يشاء الله لها ويريد؛ لذا يكفي بأن نُخطط، نُنفذ، ثم نترك كل شيء للعلي القدير؛ كي يقدر ما يشاء وكما يشاء، فيأخذ ومن بعد كل واحد منا نصيبه الذي سيُقدر له، فيفرح من سيفرح، ويبكي من سيبكي بقدر ما يريد لنفسه. إن التفكير بما يمكننا بلوغه يعتمد علينا فقط، فالسعادة بحد ذاتها هدف يمكن بأن نبلغه متى أردنا ذلك، ويمكن بأن نبتعد عنه متى أردنا ذلك أيضاً، وفي طبيعة الحال فإن من يتمتع بذرة من العقل لن يقبل إلا بالسعادة ولن يُقبل على أي شيء سواها، فهي تلك التي تجعل الحياة مكاناً أفضل وأجمل بكثير. إن التحدث عن السعادة يجعلنا نشعر بروعتها؛ لذا نميل إلى البحث عنها كل الوقت، ولأن الأسباب التي تأخذنا إليها تختلف بحسب المصدر الذي يبثها، فلاشك أننا سنسير في اتجاهات مختلفة جداً ستصل بنا وفي نهاية المطاف حيث تلك النقطة التي دار من حولها كل ما قد سبق وأعني "السعادة"، التي نحرص ومن خلال صفحتنا الأسبوعية على إيجادها، ومن ثم غرسها في أعماقكم، ولعل أجمل ما يمكنه تحقيق ذلك هو تسليط الضوء على "موضوع الصداقة"، الذي سبق لنا وأن تطرقنا إليه من قبل، وسنفعل هذه المرة أيضاً؛ لعظيم ما نخرج به منه ذاك الموضوع ومنها تلك الصداقة التي تمدنا بالسعادة وتعمل كمضاد جيد وفعال لحالات الاكتئاب التي ومن الممكن بأن تُصيب الإنسان متى تحولت حياته لصفحة خاوية لا صديق فيها أو رفيق، يمتص كل أو بعض الظروف التي تسقط على رأسه وتحتاج لمظلة تحميه من ذلك. لن نختلف أبداً على حقيقة أن الصديق يشغل حيزاً منا لا يمكن أن ينشغل بأي شيء آخر، فهو كالملجأ الذي نفر إليه من كل تلك الضغوط التي تحيط بنا، ونقرر تركها خلفنا؛ لنعيش تفاصيل كل الذكريات الجميلة التي سبق لها أن جمعتنا معاً، أو نُفرغ كل ما في قلوبنا ونستفرغه؛ كي نشحنها ومن بعد بنصائح مفيدة سنشعر معها بتحسنٍ يسمح لنا بالعودة إلى حياتنا ونحن أكثر إقبالاً عليها، وأكثر قدرة على العطاء ودون توقف. الآن ومن بعد ما قد ذكرته فلابد أن نتفق على حقيقة أخرى وهي أن الصداقات وإن اختلفت الطرق المؤدية إليها إلا أننا سنخرج منها بذات الأثر، الذي أعرفه تمام المعرفة وأدركه بشكلٍ جيد بفضل كل الصداقات التي كونتها، ولم أجد فرقا كبيراً بين ما حرصت على الفوز به منها، أو ما قد كان لي دون أن أطالب به من الأصل. وأخيراً العلاقات الإنسانية العظيمة التي تربطنا ببعضنا البعض لا تحتاج لشروط تحدد مسارها، ولكن لقلوب طيبة متى وجدناها فسيسهل علينا ومن بعد إدراك أجمل جوانب الحياة، التي لا نستطيع التعرف عليها مع كل من يحدد تفاصيل حياته بالمسطرة والقلم، ولا يسمح للآخرين بالاقتراب والتقرب منه؛ لأسباب يدركها هو ولا يجدر بنا التفكير بها ولكن بكل ما يجعلنا وسيجعلنا سعداء بقدر ما نريد. من همسات الزاوية داعب ماضيك الجميل بكل ما فيه، وراقص حاضرك الأجمل أيضاً، حتى تُشجع قلبك على إخراج أجمل اللحظات وأفضلها؛ بحثاً عن صديق تشعر بأنه مصدر سعادتك، ثم تنازل عن تلك الأسباب التي تشغلك عنه، ولتنزل عند رغبة قلبك، الذي يريد الاتصال به، ويرغب بأن يتواجد معه في هذه اللحظة، التي وإن بدأت فيها بالبحث عنه فلاشك أنك ستجده وهو ينتظرك ويشتاق لك ولكل ما يمكن أن يجمعكما معاً، فتعيش الماضي بحُلة الحاضر. والآن يكفي أن تنتهي همسة اليوم بـ (حسناً سأفعل ذلك)، وحتى تفعل فلا شيء نريده لك سوى أن تجد السعادة التي تحدثنا عنها في هذا اليوم.