12 سبتمبر 2025

تسجيل

هو أخي دونك

20 أغسطس 2014

نقرأ في السير بعض الآثار التي ينبغي التوقف أمامها كثيرا ومن تلك الآثار ما جاء عن مصعب بن عمير -رضي الله عنه- وهو الشاب الذي تخلى عن الدنيا ورغباتها ومقوماتها، وجاهد في الله حق جهاده، في يوم بدر كان يسير بعد انتهاء المعركة -و له أخ اسمه أبو عزيز- هذا الأخ كان كافرا وجاء مع الكفار من قريش، فأسره أحد الصحابة، وفي أثناء أسره مرّ مصعب بن عمير على شقيقه، وربما قال في نفسه: أتاك الفرج بمقدم أخيك، فالعرب تقول: انصر أخاك ظالما كان أو مظلوما، لكنه فوجئ بقول مصعب لآسره: اشدد وثاقه؛ فإن له أما تفديه؟ فغضب أبو عزيز وقال: أهذه وصيتك بأخيك؟ فقال له مصعب:هو أخي دونك، هذه إحدى ميزات الإسلام العظيم، فقد جعل أخوة الإيمان من أعلى مراتب برا ، وأعظمها خطرا، وأوسعها أجرا، وهي من الروابط الاجتماعية التي يحرص الإسلام على تنميتها وتعاهدها، حتى جعل الإسلام رباط النسب المنبت الصلة بالدين أوهى وأضعف من رباط الأخوة في الله .إن الأخوة الإسلامية ضمان اجتماعي لكل أفراده، ضمان للغني ألا يجترأ عليه فقير، وضمان للفقير ألا يحسد الغني، بل إن الإسلام بهذا الرابط يدفع الفقير إلى أن يتمنى أن يبارك الله في مال الغني؛ لأن له نصيبا في هذا المال الذي في يده {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } {وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ }، لقد أمر الإسلام المسلم بالحرص على إخوانه والشعور بهم، ورتب على ذلك من الأحكام ما يديم هذا الرباط إلى يوم الدين، فأضحى رباط الدين يجمع بين المؤمنين كما يجمع ضوء الشمس بين المبصرين، أمرنا الحق جل شأنه في هذه الأيام المباركة أن نغني الفقير عن السؤال فروى الدارقطني وغيره عن ابن عمر قال: " قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ وَقَالَ « أَغْنُوهُمْ فِى هَذَا الْيَوْمِ »، وهذا حتى يسود جو المحبة والألفة بين المسلمين وحتى يشعر القوي بألم الضعيف، والغني بجوع الفقير، فيرحم بعضهم بعضا، ويحنو بعضهم على بعض، بل رتب الله رحمته على رحمة الناس بعضهم ببعض ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله- رضي الله- عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)،هذا هو الرابط الذي أراد الإسلام أن يسود في المجتمع المسلم فعن أبي موسى- رضى الله-عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، ثم جعل الله عليها من الأجر ما يرغب كل محتاج إلى مثوبة الله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسرعلى معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ) رواه مسلم، وفي سورة من سور القرآن العظيم يجعل الله -جل وعز- أحد صفات المكذبين بالدين : هؤلاء الذي لا يحضون على إطعام المساكين ، ولا يرشدون الأغنياء إليهم، ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ). فأي رباط أقوى من هذا الرباط العميق الصلة بين المسلمين بعضهم مع بعض .