04 نوفمبر 2025

تسجيل

نحو أداء أفضل للاقتصاد الكويتي

20 يوليو 2014

يمكن الزعم بأنه لا يتناسب أداء الاقتصاد الكويتي في الفهارس والمؤشرات الدولية مع موارد وإمكانيات البلاد. لا شك، تعتبر الكويت غنية بمواردها البشرية والمادية وكانت تقليديا السباقة في العديد من الأمور اللافتة، مثل تأسيس جهاز للاستثمار الخارجي وذلك في إطار توظيف الثروة السيادية. للأسف، يعتبر ترتيب الكويت الأدنى بين دول مجلس التعاون الخليجي في العديد من المؤشرات الدولية، تشمل هذه الاستطلاعات مدى القدرة على جذب الأعمال التجارية والحال كذلك للخدمات اللوجيستية، فضلا عن تقنية عن المعلومات والاتصالات. على سبيل المثال، يمنح تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2014 والصادر من مجموعة البنك الدولي، يمنح الكويت المرتبة 62 عالميا بين 189 اقتصادا مشمولا في الدراسة بعد أن هبط ترتيبها بواقع 22 درجة. وهذا يجعل الكويت العضو الوحيد بين دول مجلس التعاون الخليجي خارج مؤشر أفضل 50 اقتصاد، الريادة الإقليمية هي للإمارات عبر حلولها في المرتبة 23 عالميا، ما يعني وجود فارق كبير بين ترتيب كل من الإمارات والكويت. يتميز تقرير ممارسة أنشطة الأعمال بتوفيره مقارنات كمية بين الأنظمة التجارية وحماية حقوق الملكية فيما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تتميز الشركات الصغيرة والمتوسطة بأنها المصدر الرئيسي لفرص العمل في البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء. وحسب دراسة أخرى وتحديدا أداء الخدمات اللوجستية لعام 2014، لدى الكويت المرتبة رقم 59 على المؤشر بين 159 اقتصادا مشمولا في الاستطلاع، وهذا يترجم إلى تخلف الكويت عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان، يشار إلى أن الإمارات تتقدم على المستوى الخليجي والعربي عبر حصولها على المرتبة رقم 27 عالميا على المؤشر. ولغرض الحصول على ترتيب مرغوب، المطلوب من الاقتصاديات المشمولة في الاستطلاع التفوق في مجالات تشمل كفاءة الجمارك والتخليص، نوعية البنية التحتية للنقل والتجارة، سهولة ترتيب الشحنات بأسعار تنافسية، جودة الخدمات اللوجستية بما في ذلك النقل بالشاحنات، والشحن والتخليص الجمركي، تتبع وتعقب الشحنات، وضمان وصول الشحنات في المواعيد المقررة للتسليم. وامتدادا للأداء غير المقنع، نالت الكويت المرتبة رقم 72 على مؤشر جهوزية شبكة تقنية المعلومات والاتصالات للعام 2014 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا. في المقابل، لدى قطر أفضل ترتيب إقليمي على المؤشر عبر حلولها في المرتبة رقم 23 على المستوى التالي وتليها مباشرة الإمارات. يعتمد تقرير تقنية المعلومات والاتصالات على مزيج من الأرقام والآراء، مثل مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مثل الانترنت وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، فضلا عن النظر لبيئة الأعمال مثل التشريعات والبنية التحتية. تشمل متغيرات الدراسة أمورا مثل مدى جهوزية البنية التحتية والمحتوى الرقمي، فضلا عن قدرة تحمل تكاليف الاستخدام وتوفير المهارات المطلوبة. يعتقد القائمون على التقرير، وهم محقون بذلك، بوجود علاقة بين تقنية المعلومات والاتصالات من جهة والتنمية والقدرة التنافسية للدول من جهة أخرى ولا تمكن المجادلة في هذا الأمر. نزعم عبر هذا المقال بأن لدى الكويت قدرة لتحقيق نتائج أفضل وأقوى وأكثر إيجابية على مختلف المؤشرات استنادا لإمكانياتها المتنوعة والمدعومة بالكثير من الشواهد. فوفقا لتقرير إحصاءات الطاقة ومصدره شركة بريتيش بتروليوم، تستحوذ الكويت على 6 بالمائة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وهذا يعني أن لدى 5 دول فقط، وهي فنزويلا والسعودية وكندا وإيران والعراق، احتياطيا نفطيا أكثر من الكويت. إضافة إلى ذلك، تمتلك الكويت ثروات سيادة ضخمة تسمح لها بتطوير قطاعات اقتصادية وإقامة صناعات، سواء داخل أو خارج البلاد. فحسب تقرير حديث لمعهد الثروة السيادية، تقدر الثروة السيادية للكويت بنحو 410 مليارات دولار أي بعد الإمارات والسعودية، بين دول مجلس التعاون، ومؤكدا بين أفضل 10 دول على مستوى العالم في هذا الصدد. من جملة الفوائد، توفر الثروات السيادية نوعا من ضمان عند التعامل مع الكويت، فضلا عن تعزيز فرص الإيرادات غير النفطية للخزانة العامة. لا شك، تعتبر الكويت رائدة بين دول مجلس التعاون الخليجي في مجال توظيف الثروات السيادية عبر استثماراتها الخارجية منذ أمد غير قريب، حيث وصل الحال إلى امتلاكها محطات لبيع المشتقات النفطية في العديد من الدول أو ما يعرف في الاقتصاد بالوصول لسائق السيارة وبالتالي الاستفادة القصوى من الصناعة النفطية. على المستوى الخليجي والعربي، لدى كل من الإمارات والسعودية ثروات سيادية أكثر من الكويت وتحديدا تريليون دولار و764 مليار دولار على التوالي. وخير دليل على سلامة أوضاع المالية العامة وتقديرا للثروات والإمكانيات عبارة عن تمتع الكويت بدرجات راقية من المؤسسات الرائدة في مجال التقييم الائتماني وتحديدا وكالة موديز ومؤسسة ستاندارد أند بور. ويلاحظ، أن وكالة موديز والتي تتميز بين الشركات العاملة في مجال التقييم الائتماني بتشددها في منح الدرجات، تمنح الكويت الدرجة الائتمانية "أي أي 2" وهو نفس المستوى الممنوح لكل من أبو ظبي وقطر. كما لدى الكويت تصنيف "أي أي" من مؤسسة ستاندارد أند بور، ما يوحي بقدرة الوفاء بالالتزامات المالية وهي الدرجة نفسها الممنوحة لكل من أبو ظبي وقطر. توفر هذه التصنيفات نوعا من الاطمئنان للمؤسسات التي تتعامل مع الجانب الرسمي. بكل تأكيد، الكويت في وضع يمكنها من تحقيق أداء واعد في المؤشرات الدولية بالنظر للثروات السيادية والمادية التي بحوزة البلاد، لكن يتطلب الأمر الاستفادة الكاملة وتوظيف الموارد الموجودة لدى الدولة، كل ذلك في ظل المنافسة الإقليمية لاستقطاب الأعمال التجارية. الأمل كبير بأن يحصل الاقتصاد الكويتي على مستويات متقدمة في المؤشرات الدولية كما هو الحال مع بعض الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وربما يتطلب تحقيق ذلك حصول شراكة فعلية لأداء السلطتين التشريعية والتنفيذية.