30 أكتوبر 2025

تسجيل

إنشاء "بنك الطعام" تحت إشراف جهات مسؤولة لمراقبتها وتوزيعها

20 يوليو 2014

نُشر في أولى صفحات الشرق يوم أمس، تحقيق أعدته الزميلة تغريد السليمان حول "تأسيس صندوق للطعام الفائض"، ويدور التحقيق حول اقتراح قدمه رجال وسيدات أعمال لإنشاء جمعية لاستقبال مخلفات الأغذية والأطعمة التي تفيض أو تزيد عن حاجة المستهلك في شهر رمضان المبارك، والكثير من التفاصيل تم نشرها في الملحق الاقتصادي يوم أمس. الخبر فيه الكثير مما ينطبق على من يعيش على هذه الأرض الطيبة والخليج بشكل عام، ومحاولتهم لزرع بذرة في عمل الخير أو المسارعة والمشاركة والمساهمة في أعمال الخير، سواء في الداخل أو الخارج، خاصة أننا في قطر والخليج لدينا الكثير من الخيرات التي وهبنا إياها الخالق عز وجل، ولكن مع الأسف الشديد لم نُحسن حتى الآن كيفية الاستفادة من الفائض من الطعام، وغيره الكثير أيضا كالملابس، وكما أوضح التحقيق الذي استدل بتقرير أصدرته هيئة البيئة في أبوظبي أن دول الخليج تعتبر من أكثر الدول إنتاجا للفائض من الطعام على مستوى العالم! فتصل الكمية إلى أكثر من 150 مليون طن سنويا، وجاء في التقرير أنه من المتوقع أن يرتفع الرقم خلال هذا الشهر الكريم، ولك أخي وأختي القارئة أن تتخيّلا كم سيصل إليه الرقم في هذا الشهر الكريم دون غيره من الشهور!إن ما ينبغي الإشارة إليه في موضوع تأسيس صندوق للطعام الفائض، مراعاة جمع مخلفات الأغذية والأطعمة التي تفيض عن الحاجة من جميع أفراد ومنتسبي المجتمع الذي نعيش فيه، ولا ننسى أكبر منتج لهذه الأغذية الفائضة خاصة في هذا الشهر الفضيل، كالمطاعم التي قد تنتج أضعاف ما تنتجه بعض الأسر في المجتمع، خاصة أننا نقرأ بعض الإعلانات لكبريات المطاعم لتناول وجبة الإفطار بسعر مخفض أو لنقل معقول، وهو ما يعني كثرة الإقبال عليهم مع ضمان ربحي في الكثرة، وإنتاج فائض كبير من الأطعمة والأغذية يزيد عن العدد المحسوب والمتوقع؛ فيكون مع الأسف طريقة إلى القمامة أعزكم الله، فكيف القياس على الفنادق والمطاعم الصغيرة وأصحاب الأيادي البيضاء من أهل قطر في فتح وإقامة الكثير من المواقع للإفطار وما تقوم به الجمعيات الخيرية أيضا من خيم رمضانية، قد تزيد عن حاجة المجتمع بكثير لو تم حصرها، فلله الحمد والشكر والمنّة.. ففي سفرة العائلة الواحدة تزيد الأطعمة والأغذية عن حاجة من تجمعوا حولها، فكيف بمن يقيم عزيمة ويدعو لها بعض الأقارب والأصدقاء والمعارف؛ تكون الكمية أكبر من حاجتهم بالتأكيد! ولأهمية هذا الموضوع كانت هذه القراءة مع أن التحقيق المذكور اقترح أن يكون هناك جهة تابعة لإدارة حماية المستهلك في تأمين الأطعمة الزائدة والإشراف على مدى صلاحيتها للاستهلاك، وأرى لو أنه يتم العمل على إنشاء "بنك للأطعمة" في الدولة وتعميمه في مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي، يقوم بعملية الإشراف والمراقبة على الأطعمة الفائضة التي يتم جمعها، ومحاولة إعادة تصديرها للمستحقين سواء في الداخل أو الخارج، بعد عمل اللازم بالشكل المطلوب من نظافة الطعام وصلاحيته من عدمه، لما بقي في بلاد المسلمين من يبات وبطنه خاوٍ ويتضرع جوعا ولا يجد ما يسد به رمقه، وأرى أن يكون البنك ثابتا ويعمل على مدار العام، لأن الأطعمة والأغذية الفائضة والتي تزيد عن الحاجة في دول الخليج على مدار العام أيضا، فمناسبات الأعراس والحفلات والمطاعم والفنادق..... جميعها تنتج كميات كبيرة من الأطعمة ولا تجد طريقها إلا إلى حاويات القمامة مع الأسف! وينبغي على ذكر هذا الموضوع الإشادة بما تقوم به جمعية الشيخ عيد بن محمد آل ثاني متمثلة في "حفظ النعم" والتي تقوم على مدار العام بجمع الأطعمة الفائضة من الأعراس والمناسبات ومحاولة توزيعها على من يستحقون، ومن المؤكد أن لهم وجهة نظر حول تطوير هذا العمل الخيري الكبير لممارستهم محاولة الجمع والتوزيع، وأهم الإشكاليات والمعوقات التي تعترضهم، ولا يمنع أن تكون هناك أعمال ناجحة في هذا الموضوع في دول شقيقة أو صديقة ومحاولة التعاون معها لتنفيذ هذا المشروع الضخم، والذي لابد أن تكون هناك جهات حكومية داعمة له أو خاصة تحت إشراف إدارة حماية المستهلك، حتى تكون سببا في أن يحفظنا الله بحفظه لعدم إسرافنا! وإن حصل، وهو مع الأسف حاصل، يكون بتوزيعه عن طريق "بنك الطعام" لمستحقيه، ويجب قبل كل هذا أن نراعي الله في عدم الإسراف والتبذير؛ لأن ديننا الحنيف يحثنا على القسط والاعتدال، فآباؤنا وأجدادنا لم تتوفر لهم هذه الأطعمة وكانوا يحمدون ويشكرون ففتح الله علينا من بركاته، ونحن وأقصد أجيالنا الحالية- نشأنا على خيرات وبركات الخالق عز وجل، ونحن نرى الكثير من المآسي والمجاعات في دول عربية وإسلامية زرناها، كانت في الأمس القريب تنعم بما لذّ وطاب، واليوم يستفتون في بعض الحيوانات المحرّمة هل يجوز أكلها!؟ فيا حبذا من يأخذ هذه المبادرة ويعمل عليها ويعممها في دول الخليج والعالم العربي والإسلامي، حتى تنعم مجتمعاتنا بالطمأنينة والحياة الهانئة الرغيدة، فأهل قطر عُرِفَ عنهم حب فعل الخير على جميع الأصعدة، بل إن من يعيش على هذه الأرض الطيبة يتأثر بما يقوم به أبناء الوطن من أفعال خيرية شخصية أو بمشاركة الآخرين، وقد ذكرت ذلك إحدى الصحفيات المقيمات في قطر وتدعى "فيكتوريا سكوت" على الموقع الإلكتروني لصحيفة "التلجراف" البريطانية، أن أهل قطر كرماء ويسارع أبناء الوطن والمقيمون في تقديم لمسات إنسانية تجاه كل من يحتاج إلى المساعدة. فيجب علينا الحمد والشكر لله عزّ وجل؛ حتى لا يحلّ بنا ما حلّ بغيرنا من كفر النعم، فالحمد لله والشكر لفضله على ما أنعم علينا به من نعم كثيرة لا نعدّها ولا نحصيها، ولا يكون الشكر بوجهه الصحيح إلا في القصد والاعتدال في مناحي الحياة التي نعيشها.