12 سبتمبر 2025

تسجيل

سورة محمد

20 يوليو 2013

نطالع معكم من اليوم خواطر مع سورة محمد –صلى الله عليه وسلم- هي سورة مكية وآياتها ثمان وثلاثون وتسمى سورة القتال. بسم الله الرحمن الرحيم ● قوله (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله {1}) أي أعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه من صد صدوداً. أو منعوا الناس عن ذلك من صده صداً كالمطعمين يوم بدر. وقيل هم اثنا عشر رجلاً من أهل الشرك كانوا يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر. وقيل أهل الكتاب الذين كفروا وصدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام. وقيل هو عام في كل من كفر وصد (أضل أعمالهم) أي أبطلها وأحبطها وجعلها ضائعة لا أثر لها أصلاً. ولكن لا بمعنى أنه أبطلها وأحبطها وبعد إن لم تكن كذلك بمعنى أنه حكم ببطلانها وضياعها فإن ما كانوا يعملون من أعمال البر كصلة الأرحام وقرى الأضياف وفك الأسرى وغيرها من المكارم. ليس لها أثر من أصلها لعدم مقارنتها للإيمان. أو أبطل ما عملوا من الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيله بنصر رسوله وإظهار دينه على الدين كله. وهو الأوفق لما سيأتي قوله تعالى فتعساً لهم وأضل أعمالهم. ● قوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفَّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم {2}) وقوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) قيل هم ناس من قريش وقيل هم من الأنصار وقيل هم مؤمنو أهل الكتاب وقيل عام للكل (وآمنوا بما نزل على محمد) خص بالذكر الإيمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأنه وتنبيهاً على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الإيمان به وأنه الأصل في الكل ولذلك أكد بقوله تعالى (وهو الحق من ربهم) بطريق حصر الحقية فيه وقيل حقيته بكونه (كفر عنهم سيئاتهم) أي سترها بالإيمان والعمل الصالح (وأصلح بالهم) أي حال في الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق. ● قوله (ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم {3}) (ذلك) إشارة إلى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال وقوله تعالى (بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم) أي ذلك كائن بسبب أن الأولين اتبعوا الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد وبسبب أن الآخرين اتبعوا الحق الذي لا محيد عنه كائناً من ربهم ففعلوا ما فعلوا من الإيمان به وبكتابه من الأعمال الصالحة. فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الإشعار بسببية الإيمان والعمل الصالح. ويجوز أن يحمل الباطل ما يقابل الحق وهو الزائل الذاهب الذي لا أصل له أصلاً فالتصريح بسببية اتباعه لإضلال أعمالهم وإبطالها لبيان أن إبطالها لبطلان مبناها وزواله وأما حمله على ما لا ينتفع به فليس كما ينبغي لما أن الكفر والصد أفحش منه فلا وجه للتصريح بسببيته لما ذكر من الإضلال أعمالهم بطريق القصر بعد الإشعار بسببيتهما له فتدبر ويجوز أن يراد بالباطل نفس الكفر والصد وبالحق نفس الإيمان والأعمال الصالحة فيكون التنصيص على سببيتهما لما ذكر من الإضلال ومن التكفير والإصلاح تصريحاً بالسببية المشعر بها في الموقعين (كذلك) أي مثل ذلك الضرب البديع (يضرب الله) أي يبين (للناس أمثالهم) أي أحوال الفريقين وأوصافهما الجارية في الغرابة مجرى الأمثال وهي اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم.