17 سبتمبر 2025
تسجيلمنذُ الإعلانِ عن القوانينِ الجديدةِ، لم أنشغل كعادتي بالصحافةِ والـمواقعِ الرسميةِ العربيةِ، وإنما بحثتُ في مواقعِ الفيس بوك الكبيرةِ التي تجمعُ أعداداً ضخمةً من أبناء بلادِنا العربيةِ، فلاحظتُ أنَّ مؤشِّـرَ بوصلةِ الـمشاعرِ الشعبيةِ قد تحركَ بقوةٍ دعماً للوطنِ القطريِّ وإنسانِـهِ وقيادتِـهِ، ووجدتُ أنَّ الـمونديالَ طاغٍ على الـمنشوراتِ والتعليقاتِ التي كُتِـبَتْ بلغةٍ مُبسَّطةٍ فيها ثناءٌ على جهودِنا وتقديرٌ للغةِ خطابَينا الرسميِّ والإعلاميِّ الَّلذينِ ترفَّعا عن الـمهاتراتِ، وحَـرِصا على أواصرِ الأخوَّةِ، وأثمَـرا واقعاً جديداً تَمَـثَّلَ في تلك القوانينِ التي أكَّـدَتْ قدرتَـنا على تجاوزِ السلبياتِ الإداريةِ البَحتةِ، وبَيَّـنَتِ الروحَ الإنسانيةَ لـمجتمعِـنا الحيِّ. ونظراً لأهميةِ الـموضوعِ، فإنَّ مناقشةَ الوسائلِ التي تُسْـهِـمُ في دعمِ خطابنا الإنسانيِّ، سياسياً ومونديالياً، صارَتْ أمراً لازماً، كالتالي:(1) لابدَّ من التأكيدِ على أنَّ الـمونديالَ قضيةٌ سياديةٌ لن نقبلَ باستخدامِـها للمَـسِّ ببلادِنا وشعبِنا ورموزِنا الاعتباريةِ، ولكننا نُرحبُ بالنَّـقْـدِ البنَّاءِ القائمِ على وقائعَ مُحَـدَّدَةٍ لا تُـتَّـخَـذُ أداةً للدَّعاوَى السياسيةِ الـمُغرضةِ.(2) ينبغي الحرصُ في جميعِ ما نكتبُ ونقولُ على الفَصْلِ بينَ مسيرتِنا الـموندياليةِ والتغيُّراتِ الضخمةِ التي تشهدُها بلادُنا، بما فيها ارتفاعُ سقفِ الـمُمارسةِ الديمقراطيةِ، وتطوُّرُ البُنى الـمُؤَسَّـسيةِ، وتبدُّلُ أنماطِ التفكيرِ.. لأنَّ هذه التغيُّراتِ ترتبطُ بتَـوَجُّـهٍ وطنيٍّ يقودُهُ سموُّ الأميرِ الـمُفدى نحو مستقبلٍ أفضلَ، ولا شأنَ لها بأيِّ حَـدَثٍ مهما كَـبُرَ.(3) التواصلُ الـمباشرُ معَ الشعوبِ لا يقتصرُ على وسائل الإعلامِ، وإنما ينبغي استثمارُ الفضاءِ الافتراضيِّ الـمُتمثِّلِ في وسائلِ الاتصالِ الاجتماعيِّ، ومنها بخاصةٍ التويتر والفيس بوك.. وهنا، ندعو لجنةَ الـمشاريعِ والإرثِ لدراسةِ مشروعٍ لإعدادِ مجموعاتٍ من شبابِنا، من الجنسين، الـمتعلمينَ الـمثقفين ثقافةً رفيعةً، والـمتمكنين من الكتابةِ باللغة العربيةِ الفصيحةِ واللغاتِ الأخرى، يقوم به مختصون في علومِ النفسِ والتربية والاجتماعِ والإعلام، بحيث يشاركُ شبابُنا، بعد إعدادهم، في بَسْـطِ الحقائقِ والردِّ على الحملاتِ الـمُغرضةِ بأسلوبٍ رفيعٍ يصنعُ تأثيراً إيجابياً في صفوف مرتاديِّ هذه الـمواقعِ على الـمستويين العربيِّ والدَّوليِّ.(4) نجاحُ أيَّـةِ قضيةٍ وطنيةٍ مَرهونٌ بتَـبَـنِّي الـمواطنينَ لها، ولذلك ندعو الـمجلسَ الأعلى للتعليمِ لوضْـعِ خطةٍ توعويةٍ لغَـرسِ مفاهيمَ الالتزام الأخلاقيِّ الذاتي بحقوقِ الإنسانِ، والانضباطِ بالقوانين التي ترعاها، في نفوسِ الناشئةِ والشبابِ، لأنَّ جهودَ بلادِنا في هذا الصددِ ترسمُ ملامحَ الـمستقبلِ الآتي ولا تقفُ عندَ حدودِ الحاضرِ.(5) تعزيزُ خطابِنا السياسيِّ لا يقتصرُ على الجهودِ الكبيرةِ لوزاراتِـنا، ولا يكونُ في الإعلامِ وحسب، وإنما من خلالِ قيامِ مؤسساتِ الـمجتمعِ الـمدنيِّ في بلادِنا بالتواصل مع نظيراتِـها في الدولِ الأخرى.. وهنا، نتوجَّـهُ بمطالبةِ المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، ولجان رعاية الأسرة وسواها بأنْ تخرجَ من نطاقِ العملِ الإداريِّ، وجَـمْـعِ البياناتِ، والقيامِ باحصاءاتٍ، وتَبَـنِّي قضايا محلية الطابعْ، إلى مستوًى احترافيٍّ في ممارسةِ مهامِها كجزءٍ من مشروعٍ وطنيٍّ، وذلك بالتواصلِ مع نظيراتِـها في العالمِ، لتقديم صورةٍ عن بلادِنا كدولةٍ مَدنيةٍ عِـمادُها الـمؤسسات.كلمةٌ أخيرةٌ:نفخر بالقانونيين القطريين الذين صاغوا القوانين الجديدة، وحرصوا فيها على تبيينِ الأساسِ الأخلاقيِّ الإنسانيِّ الرفيعِ لبلادِنا.