14 سبتمبر 2025
تسجيليُحسبُ لنادي السدِّ الرياضيِّ أنه لم يحصرْ نشاطاتِـهِ في الحلقةِ الضَّيِّقَـةِ للرياضةِ كنشاطٍ بدنيٍّ خالصٍ، وإنما أدى، ولم يزلْ، دوراً رائداً في التنميةِ من خلالِ اهتمامِـهِ الكبيرِ بالـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، وإعدادِهِ وتنفيذِهِ لخططٍ تُعْنى بتوضيحِ مفاهيمِها وترسيخِـها في العقلِ الجمعيِّ القطريِّ. ولا شكَّ في أنَّ ذلك يُعطينا فكرةً عن كونِ الرياضةِ مدخلاً رئيساً في تحديثِ البُنى الفكريةِ في مجتمعِـنا، بحيثُ تُخَـلِّـقُ الـمواطنَ السَّويَّ الـمُسْـهِـمَ في بناءِ وطنِـهِ بفاعليةٍ.نَتلفَّـتُ حولنا بحثاً عن جهاتٍ تهتمُّ بالجانبِ العمليِّ للمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، أي الخروجُ بالـمفاهيمِ الـمُجَـرَّدةِ إلى الـمجتمعِ للتأثيرِ فيه إيجاباً، فلا نجدُها، لأنَّ معظمَ القائمينَ عليها والعاملينَ فيها هم من غير الـمُختصينَ في علمِ الاجتماعِ، ولا خبراتٍ عمليةً كافيةً عندهم تُعَـوِّضُ ذلك وتُعينُهُم في أداءِ مهامِ الوظائفِ التي يشغلونها والـمُتَّصِـلةِ بالإنسانِ والجماعةِ والـمجتمعِ والدولةِ ككياناتٍ مرتبطةٍ عضوياً ببعضِها، بل يقصرونَ جهودَهم على العملِ الخيريِّ وكأنَّـه لُبُّ الـموضوعِ رغم أنه جانبٌ مَظْهَـريٌّ بسيطٌ منه. والـمشكلةُ في ذلك تَتَـمَثَّـلُ في خللٍ جوهريٍّ في التفريقِ بين مفهومِ الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ الفرديةِ، وهي ذاتُ بُعْدٍ أخلاقيٍّ، وتعني قيامَ كلِّ فردٍ بالعملِ لِـما فيه صالحِ الـمجتمعِ، ومفهومها كعملٍ مُنَظَّـمٍ يقوم على ضوابطَ قانونيةٍ مُحَـدَّدَةٍ، كما هو حالُها بالنسبةِ لشركاتِ ومؤسساتِ القطاعِ الخاصِّ.السؤال، هنا، هو عن الرياضةِ ودورِها في ذلك، فنقولُ إنَّها مجالُ التأثيرِ الأكبرِ في ترسيخِ مفاهيمِ الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، وأحدُ السُّبُلِ للمطالبةِ بتشريعاتٍ خاصةٍ بها لشركاتِ ومؤسساتِ القطاع الخاصِّ. وهنا، نجدُ أنَّ تحديدَ ما نقصدُهُ أمرٌ لابدَّ منه، وسنُورِدُهُ في نقاطٍ كالتالي:(1) إنشاءُ اللجنةِ العُليا للمشاريعِ والإرثِ، برئاسةِ سموِّ الأميرِ الـمُفدى، كجهةٍ تُشرفُ على إعدادِ الدولةِ اقتصادياً واجتماعياً لاستضافةِ مونديالِ 2022م، وللانتقالِ بها إلى مرحلةِ ما بعد تحقيقِ الرؤية الوطنية لسنة 2030م، كان مؤشِّراً بالغَ الأهميةِ للدور الذي ستلعبُهُ الرياضةُ. مما يدفعُنا لاعتبارِ اللجنةِ مسؤولةً عن التقدُّمِ بآراءٍ لـمجلس الشورى تكون أساساً لتشريعاتٍ تُرفعُ لـمجلس الوزراء لاعتمادِها كقوانينَ منظمةٍ للمسؤوليةِ الاجتماعية للشركات والـمؤسساتِ، التي ينبغي لها أنْ تستجيبَ في أنشطتِها وأعمالِها مع تَوَقُّعاتِ الـمجتمعِ، وركائزِهِ الأخلاقيةِ والقانونيةِ والبيئيةِ. وأيضاً، أنْ تُسْـهِـمَ بدورٍ في استيعابِ الـمواطنين بنسبةٍ لا تقل عن خمسينَ في الـمائةِ من الوظائفِ الإداريةِ العُليا والـمتوسطةِ فيها، مع تأكيدِنا على قيامِ الدولةِ باستحداثِ بندٍ في الـموازنةِ العامةِ خاصٍّ بالالتزامِ بجزءٍ من رواتبِـهِـم لتتكافأ مع مثيلاتِها في الوظائفِ الحكوميةِ.(2) الحديثُ عن التوظيفِ في الشركاتِ والـمؤسساتِ الخاصةِ ليس عاماً، وإنما يجب أن يكون عملياً، أي أنْ يُطَبَّقَ عليها إذا تجاوزت ميزانياتُها وأصولُها مبلغاً تُحدِّدُه القوانين.(3) في مجالِ الـمسؤوليةِ الاجتماعيةِ كنظريةٍ أخلاقيةٍ، نتمنى على وزارةِ الشبابِ والرياضةِ أنْ تدعمَ نادي السدِّ في جهودِهِ، وتسعى لتعميمِ التجربةِ على جميعِ أنديتِـنا الرياضيةِ حسب إمكاناتِها. وحَبَّـذا لو قامتِ الوزارةُ، في سعيها لتحقيق ذلك، بالاستعانةِ بجامعةِ قطرَ التي فيها مختصون ذوو كفاءاتٍ عاليةٍ، وتمتلكُ خبراتٍ علميةً وعمليةً في مجالِ التخطيطِ الاجتماعيِّ.كلمةٌ أخيرةٌ:الرياضةُ مَظهرٌ حضاريٌّ ووسيلةٌ للتغيير الاجتماعي، علينا الحرصُ على استثمارِها لبناءِ مجتمعِـنا وبلادِنا الحبيبة.