15 سبتمبر 2025
تسجيلمع تطور الحياة وربما تَعقدها وانفتاحها على الثقافات المتعددة تواجه تربية الابناء تحديات كبيرة، خاصة وأن الأطفال في وقتنا الحالي اصبحوا أكثر اطلاعاً وربما ساعدت على ذلك طرق التدريس الحديثة لاسيما في المدارس الأجنبية التي تغذي الاطفال بثقافة غَربية لم يتربى عليها الآباء فنجدهم أكثر جرأة وفضولاً ولديهم قدرات عالية في البحث والإطلاع وعرض وجهات نظرهم وحفظ للكلمات وتقليد لسلوك الغير، ويظهر ذلك بعد دخلوهم مرحلة المراهقة حيث تتعمق لديهم تلك الافكار وقد يخرج البعض عن السيطرة أحياناً. تحتاج تربية الأبناء في وقتنا إلى حزم وحكمة وفن كما تحتاج إلى تعاون بين العائلة والمدرسة والتي تُعتبر المُربي المساند وطالما كانت المدرسة هي المُربي فالأجيال السابقة بالإضافة إلى تربية عائلاتهم لهم تلقوا التربية والتعليم في مدارسهم التي كانت تضع خططا للتربية والتعليم وكان للمُعلم هيبة وأثر وكان يُساهم في تربية الطلاب الاشقياء ويقّوم سلوكهم حتى لو اضطر الأمر بمعاقبتهم وأحياناً ضربهم، وهذا أصبح ضرباً من المستحيل في وقتنا الحالي فقد استجرأ الطالب على المعلم الذي لم تعد هيبته كالسابق ولم تعد مهامه شاملة التربية كما كان! واجهت موقفاً مع طفلة ذات السبع سنوات كانت تسبب إزعاجاً في أحد المطاعم في الوقت الذي لهت فيه والدتها ولم توجهها بعدم إزعاج الاخرين وكأنهم في فناء بيتهم، وعندما طلبت منها عدم الإزعاج ردت عليّ بجرأة ووقاحة بعد أن وضعت يدها في خصرها وحدقت في عيني، تفاجأت من سلوكها الوقح ولم أعرف كيف أرد عليها، وعوضاً عن اعتذارها أو خجلها من توجيه الملاحظة لها ترد عليّ ( بعين قوية) كما نقولها بالعامية، استغربت من الموقف ومن طريقة التربية التي يمكن أن تكون تربت بها وعدم توجيهها باحترام الغير خاصة الاكبر منها سناً، وتخيلت سلوكها الفظ الذي ممكن أن تكون عليه إذا ما بلغت الخامسة عشر! موقف آخر سمعت أحد الأطفال يردد جملة غير لائقة ادبياً وأخلاقياً على مسمع من والدته التي لم تُحرك ساكناً ولم توجه طفلها بعدم قول مثل هذا الكلام لأنه غير لائق، فتفكرت في طريقة التربية وما سيئول إليه هذا الطفل عندما يكبر! المعروف أن الطفل عجينة يمكن تشكيلها بكل سهولة لذلك فهو سيردد ما سيسمعه من أهله وسيقلد تصرفاتهم وسلوكياتهم وكلما كان الآباء والأهل على خُلق وينتبهون لكلامهم أمام أبنائهم سينشأ الأطفال مُهذبين والعكس صحيح فالاطفال يتأثرون بما يحدث في المنزل من معاملة الاباء لبعضهم والمستوى المعيشي وغيره، وبما يحدث في المدرسة من اعباء مدرسية وتَنمر بعض الاصدقاء وتعامل المدرسين معهم، كما يتأثرون بالوضع الصحي لهم من غذاء صحي متوازن ومن نوم متزن فبعض الاهالي يسمحون لأبنائهم بالسهر لساعات متأخرة ولا يراقبون غذاءهم مما يعرضهم لمخاطر كبيرة. بعض الاباء يعتقدون أن كل ما يحتاجه الطفل هو مسكن ومأكل وإلحاق بمدرسة خاصة وتوفير آي باد وغداء في الإجازة الاسبوعية في احد المطاعم وسفرات ومقاعد في الدرجة الأولى وتوفير ملابس من الماركات العالمية، في حين أن احتياجات الطفل الفطرية هي الحديث مع الاباء والتعبير عن فضولهم ومشاعرهم ومشاركتهم تفاصيلهم الصغيرة (التي يشغلها المربيات حاليا) وليس الاستماع بانشغال الام في أمورها الخاصة أو الاب في هاتفه بل بتوجيه كل الاهتمام والانتباه والاتصال البصري ليشعر الطفل بأهميته وبوجودهم حوله، وفتح مواضيع متنوعة معه وتغذيته ثقافيًا وعلمياً وصحياً والحديث معه في كل المواضيع الحياتية التي يكون للطفل رأي فيها لكنه لا يجد من يستمع إليه، فبعض الأهالي غير مدركين أن الاطفال لن تهمهم الماركات إذا لم يعودهم الاباء عليها، وأنهم سيكونون أكثر حرصًا على الالتزام بالصلاة إذا تعودوا عليها، وأن اكلهم سيكون متزنا إذا كان الاهل قدوتهم، وسينشأ الابناء على الادب والسنع إذا ما تم تعليمهم ذلك عملياً وكان الاهل قدوة لهم في كل ذلك، لذلك إذا صلح الآباء والامهات صلح الابناء، وهذا يُرجعنا لموضوع الزواج المبكر الذي قد يحرص عليه الاهل في حين أن ابناءهم مازالوا غير ناضجين وبالتالي عندما يُرزقون بالأطفال لا يصلحون تربيتهم ويتركونهم على المربيات أو شبكات التواصل الاجتماعي تربيهم وتثقفهم دون حب واهتمام ومشاعر فينشأ جيل غير سوي لا يمكن الاعتماد عليه وربما ينظر لأقرانه والذين تم تربيتهم بشكل صحيح على أنهم نماذج مثالية لا يتقبلها المجتمع وكأن الحال انقلب والمفاهيم تغيرت وأصبح الخطأ صحيحا! • تكّوين عائلة مسؤولية تقع على الوالدين وإذا كانوا غير مستعدين للتربية الصحيحة فالأفضل أن يؤجلوا الزواج إلى أن يكونوا جاهزين لإعداد جيل المستقبل! •ما يتفوه به الاطفال انعكاس لمستوى التربية في العائلة لذلك أحسنوا تربية ابنائكم وكونوا القدوة الحسنة لهم! [email protected] @amalabdulmalik