16 سبتمبر 2025
تسجيلنرى صواب توجه دول مجلس التعاون الخليجي لإبرام معاهدات للتجارة الحرة والاتفاقيات الإطارية مع الدول والكيانات الاقتصادية حول العالم. حديثا فقط، وقعت دول مجلس التعاون الست في أبو ظبي، كون الإمارات رئيسة الدورة، اتفاقية إطارية للتعاون التجاري والاستثماري والفني مع ماليزيا. ومن شأن الاتفاقية تعزيز الاستثمار والتجارة البينية عبر خطوات تشمل القضاء على المعوقات الجمركية مثل التعريفات وغير الجمركية مثل الإجراءات الإدارية. وتتمثل الخطوات اللافتة تشكيل لجنة مشتركة من المختصين والخبراء بهدف متابعة تنفيذ الاتفاقية ومعالجة العقبات. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ القيمة المالية للتجارة البينية بين دول مجلس التعاون وماليزيا نحو 30 مليار دولار وهر رقم لافت بكل تأكيد. ويلاحظ تمتع ماليزيا بفائض قدره 1.5 مليار على ما يبدو بسبب نوعية الصادرات الماليزية لدول المنطقة. تشمل السلع الماليزية المصدرة لدول مجلس التعاون الآلات والأجهزة والأثاث فضلا عن المجوهرات والزيوت النباتية. في المقابل، تتركز الصادرات الخليجية على النفط الخام والمشتقات النفطية مثل البتروكيماويات. من جملة الأمور اللافتة، ترغب ماليزيا بالاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية المتنامية في دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا قطر. ويلاحظ ارتباط شركات ماليزية بمشاريع لإنشاء مطار الدوحة الدولي الجديد. وليس من المستبعد حصول مؤسسات ماليزية على عقود لإقامة منشآت ترتبط باستضافة قطر لفعاليات كأس العالم 2022. بالعودة للوراء، أبرمت دول مجلس التعاون بشكل جماعي وللمرة الأولى اتفاقية للتجارة الحرة لها مع سنغافورة في نهاية العام 2008. لا شك أسهمت بعض الحقائق الجوهرية في إبرام هذه الاتفاقية منها توفير دول مجلس التعاون لنحو 40 في المائة من الواردات النفطية لسنغافورة. تعد موانئ سنغافورة مصدرا حيويا للنفط الخليجي الموجه لجنوب شرق آسيا نظرا لنجاح الاقتصاد السنغافوري في فرض نفسه بتلك البقعة من العالم. تحتل الاقتصادات الخليجية المرتبة السابعة من حيث الأهمية النسبية للتجارة الخارجية لسنغافورة وهي مسألة جديرة بكل تأكيد. وقد شكلت هذه الاتفاقية فاتحة خير لإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى. ففد وقعت دول مجلس التعاون الخليجي في منتصف العام 2009 اتفاقية للتجارة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية والمعروفة اختصارا بمنظمة (ايفتا). تضم الرابطة كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. تهدف الاتفاقية مع رابطة ايفتا إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات لتسوية المنازعات. وفي شهر (أبريل) من العام 2010، وقعت دول مجلس التعاون الخليجي مذكرة تفاهم مع منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا والمعروفة اختصارا بمجموعة (الكوميسا). تضم منظمة الكوميسا 19 دولة تقع في شرق وجنوب إفريقيا تشمل كينيا وأوغندا وزامبيا.بيد أنه هناك معضلة التوصل لاتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت المحادثات بين الطرفين قد بدأت في العام 1988 بهدف إنشاء منطقة حرة لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة بين الحين والآخر قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.مؤكدا، شكل تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة بداية 2008 للدول الست قوة تفاوضية عند التحاور مع الأطراف الأخرى لغرض إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة بدءا بسنغافورة. المطلوب، تعزيز هذا المشروع الإستراتيجي والذي يقدم دول مجلس التعاون كوحدة اقتصادية متكاملة في عصر التكتلات الاقتصادية كما هي الحال مع الاتحاد الأوروبي والذي يضم 27 دولة حتى الآن. مؤكداً تقتضي مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي عدم الابتعاد عن الركب العالمي.يساهم مشروع السوق الخليجية المشتركة في تعزيز جاذبية المنظومة الخليجية بالنسبة لمختلف الأطراف الدولية. على سبيل المثال، تأمل نيوزيلندا إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي كما تبين من جولة وزير التجارة النيوزيلندي تيم غروسر لدول المنطقة في العام 2010. بل هناك رغبات من أطراف دولية مختلفة بهدف التوصل لإنشاء منطقة للتجارة الحرة أو على أقل تقدير اتفاقيات إطارية مع دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة اقتصادية. لا شك ترغب مختلف دول العالم بالاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في الدول الست بما في تلك المرتبطة بفعاليات كأس العالم 2022. تمثل الموازنات العامة لدول الخليج خصوصا نصيب خانة المشاريع من قبيل تخصيص 12 مليار دولار أي 37 في المائة من النفقات العامة لموازنة قطر للسنة المالية 2010-2011 للمشاريع التنموية. وتشمل هذه المشاريع تطوير المطار والميناء وشبكة الطرق فضلا عن الكهرباء والماء وهي أمور تخدم الدورة الاقتصادية.كما تشمل موازنة السعودية للسنة المالية 2011 والتي تبلغ 154 مليار دولار مخصصات ضخمة لبعض الأمور الحيوية مثل 40 مليار دولار للتعليم والتعليم العالي والتدريب أي ما نسبته 26 في المائة من مجموع النفقات. إضافة إلى ذلك، تشمل الميزانية مخصصات قدرها 18 مليار دولار للقطاعين الصحي والتنمية الاجتماعية.بمعنى آخر، هناك الكثير من الأسباب التي تساهم في جاذبية الأسواق الخليجية بالنسبة لمختلف الدول والكيانات الاقتصادية. بل تتميز دول المجلس بتطبيق مبادئ التجارة الحرة مع الشركاء التجاريين بدليل الغياب الفعلي للضرائب وحرية الوصول للأسواق وعدم وجود عراقيل تذكر على الاستثمارات الأجنبية فضلا عن توافر القدرة الشرائية.