12 سبتمبر 2025

تسجيل

كان يا ما كان

20 يناير 2016

يتعثر القارئ بحنين مستشرٍ في المدوّنة السورية المعاصرة التي تتوسّل الأدب، ولاسيما في حقول السرد، فالوطن السوري احتلّ مكانة الغائب في النصّ الأدبي، بعد خمس سنوات من الصراع الدامي، الذي أفضى إلى وضع البلاد على شفير الكارثة، وتهجير نصف السكّان، وخفوت صوت الأمل في الكتابات التي استبشرت بالربيع والأخرى التي حذّرت من الخريف على حدّ سواء.يقرأ المتابعون نصوصاً جديداً تسرف في الذكريات، تمضي إلى فردسة الماضي وهي تطأ أرض الاحتمالات الجديدة، من غير أن تمسّ موضوعة الحرب والثورة، وكأنها استسلمت لقدر الغربة ولم يعد أمامها إلا البكاء على زمان الوصل. في الشعر مثلاً صدرت مجموعة الصديق عبدالله الحامدي "الرهوان" وفيها يؤكد الحامدي على المكان حاضراً كأندلس قريبة مازال يغمض عليه عينيه منذ "نشرة غياب". وكذلك الأمر للغنائية الجميلة في "قارئ الشرفات" لمواطنه بسام علواني المتماثل للحنين منذ قصيدته في حماة "كم كنت أكره أن أحبّكِ" ومجموعة الشاعر الشابّ ريبر يوسف "من غصن إلى آخر ينتقل القصف" ومجموعة الشاعر محمد المطرود "اسمه أحمد وظلّه النار"، الشاعر الذي شكّل مع أصدقائه خطّاً سردياً أعاد الاعتبار للمهمّش والمنسيّ في مواعين النشر المختلفة، أذكر منهم أحمد الشمام وحسن شاحوت وفايز العباس وصدام العبدالله وعبود سمعو والمغيرة الهويدي وعلي حسين المحمد. ولأن الرواية كسولة التمثّل فإن حصاد المطبعة لم يزل فقيراً، إلاّ أنّ تجارب روائية جديدة وجريئة قادمة من أسوار "الأكاديمي" إلى واقع الرواية الشعبي الاجتماعي، تنتصر للمهمّش ذاته، في كتابات شهلا العجيلي ولؤي خليل ومحمود الجاسم.في روايتها " السماء قريبة من هنا" التي يمكن عدّها مرثية مكان، لأندلس ضائعة، وفيها تتخلّص الروائية من قناع التاريخي الذي استعارته في رواية "سجّاد عجمي" وتستفيض في سرد جميل متعافي الحبكة تتذكر فيها مدينتها الجميلة الرقة، الحاضرة في رواية محمود الجاسم "نزوح مريم"، ومن اللافت أن كلا العملين وصل إلى القائمة الطويلة لبوكر هذا العام.مازالت المدونة السورية تعد بالكثير بعد أن ملأ الدم محابر التراجيديا وفاض، وما زالت الأقلام السورية تعد بمفاجآت تليق بالوجع السوري.