31 أكتوبر 2025
تسجيلتقتصر المنظومة التعليمية في الخليج والدول العربية على الاكتفاء بتزويد الطالب بمعلومات مكتوبة، وما عليه إلا أن يحفظها ثم يفرغ ما في عقله على الورق. وبقدر امتلاكه القدرة على الحفظ والتلقين، يحصل على الدرجات العالية، من دون أن يُكَلّف بإبراز عقله، أو استخدام قدراته التحليلية أو «محاكمة المعلومة» التي تعطى له.. وتفعيل عقله النقدي.والعلاقة بين نهج المنظومة الأكاديمية ونهج المنظومة الديمقراطية مخلة ومضطربة، وتعد من أهم مكمن الخلل الذي يقود العملية التعليمية في دول الخليج بشكل خاص. فالمثاليات النظرية والواقع المعاش لا يلتقيان، والحديث عن سياسات تنظيرية تروج عن تعليم لمرحلة جديدة، يساهم في بناء إنسان منتج ومشارك من جهة، تقابله السياسات الفردية، وغياب الحريات العامة والخاصة، وتضارب المصالح، والشفافية والمحاسبة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، والمواطنة، وحرية الإبداع والابتكار والبحث والاستكشاف والتنقيب العلمي والمعرفي.ومازالت المناهج الدراسية حجر عثرة في إرساء وتعزيز مفهوم ثقافة الديمقراطية، من خلال الترويج لقيم سلبية ترسخ مفاهيم الطاعة والانضباط والجمود ورفض الآخر، ولا تؤمن بشرعية التعدد والتداول وثقافة التسامح والقبول والانفتاح. وهناك إشكالية أدلجة المناهج التعليمية سياسيا ودينيا ومذهبيا وقبليا، كما تدخل الاعتبارات السلطوية في بناء المناهج التعليمية، خصوصا تلك المرتبطة بالتاريخ والثقافة والتربية الوطنية. تقرير معهد كارنيجي للشرق الأوسط، أشار إلى أن الجهود الحالية لإصلاح التعليم في العالم العربي تركّز بشكل كبير على تغييرات قابلة للقياس، مثل بناء المزيد من المدارس، وإدخال أجهزة الكمبيوتر إلى الفصول الدراسية، وتحسين درجات الاختبار في الرياضيات والعلوم. وهو يفتقد بناء مقاربة نظم شاملة وكاملة لا تتجاهل أو تهمّش عنصر المواطنة. الطلاب بحاجة إلى أن يتعلموا، في سن مبكرة جداً، ماذا يعني أن يكونوا مواطنين يفكرون بحرية، وان يسعوا إلى تحصيل المعرفة وإنتاجها.والمحصلة النهائية انه على الرغم من الضخ في ميزانيات التعليم وارتفاع نسبة الإنفاق على قطاع التعليم الخليجي، مازالت المنظومة التعليمية تعاني كثيرا من نقاط الضعف، فلم تتحقق جودة التعليم ومخرجاته لأنه لا يوجد تخصيص جيد لهذه الموارد. كما أن معدّل إنتاج المعارف في اختصاصات الإنسانيات والعلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية، لا يتناسب مع الزيادة في عدد الجامعات والمعاهد والكليات!.