30 سبتمبر 2025
تسجيلللأسف الشديد واصل مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر من قبل مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتين منح درجات غير منصفة لغالبية دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء البحرين. فقد حصلت البحرين على المرتبة رقم 12 في تقرير العام 2013 والذي صدر حديثا ما يعني احتفاظها بترتيبها من بين 174 بلدا في العالم. في المقابل، تم تصنيف قطر والإمارات في المرتبتين 27 و 28 دوليا على التوالي. واللافت في هذا الصدد هو تصنيف التقرير كل من البحرين وقطر والإمارات في خانة الدول التي تتمتع باقتصاديات حرة في الغالب ولا ربما لا خلاف في ذلك. من جهة أخرى، تم تصنيف عمان والكويت والسعودية في المراتب 45 و 66 و 82 على التوالي واعتبارها حرة اقتصاديا بصورة متوسطة. لكن من الخطأ قبول تصنيف السعودية على وجه الأساس حيث بالنظر لدور القطاع الخاص في اقتصادها الوطني. ودليلنا على ذلك لعب مؤسسات القطاع الخاص دورا محوريا في توفير كافة أنواع الخدمات للحجاج خلال موسم الحج على وجه التحديد. حقيقة القول، يعتمد المؤشر على عشرة متغيرات تنصب في مجال الحرية الاقتصادية وهي 1) تأسيس الأعمال 2) التجارة الدولية 3) السياسة النقدية مثل مستوى الضرائب والاقتراض الحكومي 4) السياسة المالية مثل السيولة ومعدلات الفائدة 5) مدى تدخل الحكومة في الاقتصاد 6) الاستثمارات الأجنبية 7) النظام المصرفي والتمويل 8) حقوق الملكية 9) الفساد المالي والإداري 10) الحرية في توظيف وتسريح العمال. تحصل الاقتصاديات المشمولة في التقرير على 10 نقاط لقاء كل متغير وبالتالي فرصة الحصول على 100 درجة كحد أقصى. وكما أسلفنا، من غير المنطقي الزعم بوجود فرق شاسع بين مستوى الحرية الاقتصادية في البحرين مع كل من قطر والإمارات في ظل وجود الكثير من الصفات المشتركة بين هذه الاقتصاديات. ينطبق هذا الكلام بالنسبة لجانب كبير من متغيرات التقرير مثل عدم وجود ضرائب على الدخل والأرباح وتحاشي فرض نسب الفائدة على المؤسسات المالية فضلا عن الانفتاح فيما يخص التجارة الدولية. بل تعد دبي بمثابة البوابة التجارية لدول مجلس التعاون الخليجي بشكل كامل نظرا لانفتاحها على مختلف الاقتصاديات. وفي كل الأحوال تميز مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2013 بتقديره لحالة انفتاح اقتصاد الإمارات بدليل تعزيز ترتيبها الدولة بواقع سبع مراتب أي الأفضل تحسنا بين جميع دول مجلس التعاون الخليجي. أيضا المأمول حصول تقدير للحرية الاقتصادية في السعودية في ظل وجود قطاع خاص يتمتع بقدرات نوعية. لا شك توجد نقاط قوة رئيسية في التقرير بدأ من مبادئ المؤشر حيث تؤمن كل من مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة وول ستريت جورنال ذات التوجهات المحافظة بضرورة تحييد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين والسهر على تطبيقها. وفي هذا الإطار، يقتضي الصواب منح مؤسسات القطاع الخاص الدور الرئيسي في الاقتصاديات المحلية ولغرض جوهري. ومرد ذلك اهتمام الشركات الخاصة بتحقيق الربحية، ما يعني بالضرورة منح الزبائن قيمة مقابل أموالهم، الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في نهاية المطاف. مؤكدا، هناك تقبل واسع لهذا الفكر الاقتصادي بالنسبة للمستثمرين فضلا عن أولئك الذين يؤمنون بتحييد دور الحكومة في الحياة الاقتصادية. وربما يقتدي الصواب تقييد دور القطاع العام في الاقتصاد لأنه غالبا يكون على حساب القطاع الخاص. من جملة الأمور، من شأن التدخل الحكومي الحصول على تسهيلات مصرفية ما قد يدفع بمعدلات الفائدة إلى الأعلى ولو بشكل نسبي. كما بمقدور الحكومات الحصول على مزايا مثل تأخير عملية دفع الفاتورة وربما الإصرار على الحصول على خصومات لأسباب مختلفة منها قوتها الشرائية. كما تنال ظاهرة وجود مؤسسات تابعة للدولة بشكل كامل أو جزئي من مستوى المنافسة لأن الأمر يتعلق بمنافسة شركات القطاع الخاص على أسس غير صحيحة. من أمثلة ذلك إعطاء الحكومات معاملة خاصة للبنوك المملوكة أو شبه المملوكة للدولة عبر منحها امتيازات مثل الودائع ما يفرض على البنوك الأخرى الحصول على تمويل ربما بشروط قاسية نسبيا فيما يخص معدلات الفائدة. في المقابل، يعاني التقرير من مشكلة جوهرية تتمثل بعدم إجراء دراسات ميدانية وبالتالي فقدان فرصة الحصول على معلومات أولية. بمعنى آخر، يعتمد التقرير بشكل أساسي على مصادر ثانوية فيما يخص التقارير الدولية من جهة وتلك التي تصدرها الحكومات من جهة أخرى والتي ربما تعاني من المبالغة بعض الشيء. وعليه يفتقر التقرير لمنهجية واضحة بسب اعتماده على تقارير مختلفة ومتباينة تم تنفيذها لمواضيع مختلفة لا تتعلق بالضرورة بالحرية الاقتصادية الأمر الذي يشكل معضلة بالنسبة لانسجام المعلومات. مهما يكن من أمر، يتمتع التقرير بصيت عالمي حيث تتناقل مختلف وسائل الإعلام الدولية التقرير السنوي الأمر الذي يؤكد أهمية الاهتمام به وبالتالي تزويد الجهات القائمة عليه بمعلومات محدثة لضمان الحصول على أفضل النتائج وبالتالي تحاشي الحرج. بل تعمد صحيفة الوول ستيريت جورنال وهي طرف في التقرير النافذة عل نشر الدارسة. نقول ذلك كوننا نعيش في عصر العولمة حيث المقارنات دولية، إذ يأخذ المستثمرون العالميون نتائج هذه الدارسة وغيرها عين الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار. ختاما المطلوب من دول مجلس التعاون الاستفادة من تقرير الحرية الاقتصادية فيما يخص تحسين البيئة التجارية وخصوصا إفساح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص وبالتالي تعزيز مستويات الحرية الاقتصادية بل والتنافسية الاقتصادية. بل بمقدور دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصا السعودية والكويت وعمان تحسين تصنيفها العالمي عبر فتح المزيد من القطاعات الاقتصادية مثل الطاقة والخدمات المصرفية بشتى أنواعها أمام المنافسة الإقليمية والدولية ما يفسح المجال أمام الاستخدام الأمثل للثروة.