10 سبتمبر 2025

تسجيل

بلدةٌ طيّبة وربٌ غفور

19 ديسمبر 2023

من باهي النعم التي يُرزق بها المرء أن يصطفيه الله ليعيش في وطن أبيّ، عزيز المنبت، وافر النعم، طيّب الأخلاق، سامي المكانة. أن يكون حظه من الدنيا بلدة آمنة مطمئنة، راغدة العيش، كريمة البذل، تحت سيادة إدارة حكيمة، محبّة، طموحة، متواضعة وجودها في حد ذاته مثالٌ على أن على هذه الأرض فعلاً ما يستحق الحياة. هذا الحظ اصطفاء من الكريم، الذي منّ علينا أن نتنعم بأيامٍ جميلة نعيشها على أرضنا، تستحق منا الحمد والشكر، وتنأى بنا عن الجحود والكفر، فما الأليق بالنعم المتوالية إلا الشكر، حتى تدوم وتزدهر، وما الأنسب للآلاء المتتالية إلا تحمّل المسؤولية، مسؤولية أمام الله قبل أن تكون أمام أي أحد. فما من آمنٍ على هذه الأرض إلا وعليه شكرها، قولاً وشعوراً وعملاً، قولاً بلسان يلهج بالحمد والامتنان، وشعوراً بقلبٍ شاكر مبتهج. وما عمل الشاكرين إلا عملٌ دؤوب، نابعٌ من تحمّل المسؤولية، وتثمين النعم، بقلبٍ حامد، ونفسٍ متزنة متواضعة، لا تتباهى ولا تزدري، فكل ذلك من فيض عطاءات الكريم، فما أجدر بالمرء فينا سوى أن يكلل شعوره وقوله بالعمل، فيصبح مواطناً أو مقيماً من المثمنين للآلاء التي تحيطهم فيبذر ويتعهد بالعناية والسقاية ما زرع حتى يرى ثمار جهده قد أينعت، يشغله عن الترّفه ما يفكر به من التجويد والإحسان في كيف يصبح أفضل وأحسن دائماً دون انشغالٍ بالملهيات. ويُحسن وفادة نعم الأمن والأمان، فلا يصير إلا إلى إنسان كريم في بلدٍ كريم، فيلجم نفسه ومن تسوّل له نفسه أن يعكّر صفو هذا النقاء، ويدفع ذاته، ويشجع غيره على احترام تلك القيم الأثيرة، ليدوم طيب العيش وتستمر هناءة الأيام. لذا، ففي يوم عرسها الوطني، أهنئ نفسي وكل من على هذه الأرض الطيبة (قطر)، وأحمد الله على هذا الاصطفاء، واعمل شكراً بهمّة لا تعرف الفتور، ليرتقي وطني للأعلى والأسمى والأبهى، فلا يليق بقطر سوى السمو والعلا منزلة ومكانة. لحظة إدراك: الوطنية ليست شعارات تُردد باللسان، ولا مشاعر آنية بالفرح، بل هي عين ثاقبة تثمن الآلاء، وتعرف كيف تتنعم، ويدٌ متمرسة على حسن الإدارة للموجود، والمنح والعطاء بتواضعٍ لكل من يحتاج، وقدمٌ تسعى وترقى، وقلب تربى على إجلال لهذه الأرض العزيزة، إجلال يدفعنا للسعي والعمل نحو سؤددٍ لن ينتهي ما دامنا على الشكر عاملين، نطلب الإرشاد من الرشيد سبحانه، والعفو والغفران من ربٍ غفور.