16 سبتمبر 2025

تسجيل

كل الطرق تؤدي لقطر

19 ديسمبر 2010

ربما لا يحصل اقتصاد عالمي على أخبار إيجابية في الأسابيع القليلة الماضية كما هو الحال مع الاقتصاد القطري. ففي غضون فترة زمنية قصيرة، كشفت تقارير خبرية عن فرضية صرف مليارات الدولارات في الاقتصاد القطري في إطار تهيئة البلاد لاستضافة فعاليات كأس العالم 2022. وفي الأسبوع الماضي، أضافت صناعة الغاز نجاحا جديدا مع تخطي الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال حاجز 77 مليون طن سنويا. وفي خضم هذه التطورات، توقع صندوق النقد الدولي تسجيل نسبة نمو قدرها 20 في المئة في الاقتصاد القطري في 2011 ولكن ليس على حساب التضخم. حقيقة القول، يرتبط تقرير صندوق النقد الدولي بشكل جزئي بتوقعات صرف مبالغ خيالية على مختلف القطاعات في إطار استعداد قطر لاستضافة كأس العام 2022. وليس من المستبعد صرف نحو 100 مليار دولار على مدى 12 سنة بقصد تهيئة البلاد للحدث الرياضي الأبرز في العالم. وتغطي النفقات أمور مثل البنية التحتية وخصوصا تطوير قطاع المواصلات فضلا عن تشييد المنشآت الرياضية إضافة إلى بناء عشرات الفنادق وغيرها من المرافق. اللافت في هذا المجال أن أرقام النفقات المتوقعة لكأس العالم 2022 تزيد بشكل نوعي عن مصروفات قطر للسنة المالية 11-2010 والتي بدأت في شهر أبريل.قيمة النفقات المقدرة للسنة المالية 11-2010 32.4 مليار دولار والتي بدورها تعد الأكبر في تاريخ البلاد. من جملة الأمور الجديرة، تم تخصيص 12 مليار دولار أي 37 في المئة من النفقات العامة للمشاريع التنموية والتي تشمل تطوير المطار والميناء وشبكة الطرق فضلا عن الكهرباء والماء وهي أمور تخدم الدورة الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، تم تخصيص 7.2 في المئة و 6.8 في المئة من المصروفات لقطاعي الصحة والتعليم على التوالي الأمر الذي يخدم فرصة تعزيز ترتيب قطر على مؤشر التنمية البشرية. وكانت قطر قد حلت في المرتبة 33 عالميا والأولى عربيا على مؤشر التنمية البشرية للعام 2009 والذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يتميز تقرير التنمية البشرية باعتماده على ثلاثة متغيرات وهي أولا العمر المتوقع عند الولادة، وثانيا نسبة المتعلمين، وثالثا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. مؤكدا من شأن استضافة قطر لكأس العالم 2022 توفير الأجواء لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخصوصا الخليجية منها وذلك في إطار مشروع السوق الخليجية المشتركة. الجدير ذكره في هذا الصدد هو نجاح قطر في تعزيز مستويات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في العام 2009 وذلك استنادا لتقرير الاستثمار العالمي 2010 ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصار باسم الأونكتاد. فحسب التقرير، زاد حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لقطر لأكثر من الضعف، وتحديدا من 4.1 مليار دولار في 2008 إلى 8.7 مليار دولار في 2009. وعلي هذا الأساس، نالت قطر المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية مباشرة بعد السعودية والتي بدورها استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35.5 مليار دولار في 2009. فضلا عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية، تتميز قطر بالمساهمة في حركة الاستثمارات الدولية. فخلال العام الجاري، قام الصندوق السيادي لقطر بشراء شركة هارودز البريطانية الشهيرة بقيمة 2.2 مليار دولار. كما استحوذت قطر على 5 في المئة من أسهم بنكو استندارد برازيل بقيمة 2.7 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، أصبحت قطر ثالث أكبر مستثمر في شركة فوكوس ويجنن الألمانية والتي تضم مجموعة من الماركات العالمية للسيارات. ويتمثل التطور اللافت والذي حصل في الأسبوع الماضي في بلوغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر حاجز 77 مليون طن سنويا أي قبل الموعد المحدد للوصول لهذا المستوى في العام 2012. حقيقة القول، تعتبر قطر أكبر دولة منتجة ومصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث لديها زبائن في اليابان وكوريا الجنوبية وأسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة. تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران، لكن يسجل لها نجاحها في استقطاب شركات غربية وخصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز بواسطة عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. حسب تقرير لشركة بريتيش بتروليوم تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.4 و 16 في المئة و 14 في المئة على التوالي.بالعودة لموضوع كأس العالم، الأمل كبير بقيام مستثمري القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي بتوظيف مشروع السوق الخليجية للمساهمة والاستفادة من الفرص التاريخية التي توفرها الحدث الرياضي ذو الطابع التجاري. يشار إلى أن دخل مشروع السوق الخليجية دخل حيز التنفيذ في بداية 2008 بعد الاتفاق على تطبيقه في قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة نهاية 2007. يركز المشروع على إطلاق العنان لقوى الإنتاج للتحرك بحرية داخل الدول الأعضاء. وخيرا فعل قادة دول المجلس في قمتهم الأخيرة في أبو ظبي بالسماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء ومساواتها في المعاملة كفروع لشركات وطنية. من جملة الأمور، يهدف مشروع السوق الخليجية المشتركة إلى تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة عبر إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في اقتصاديات الدول الأعضاء. باختصار، حصلت دول مجلس التعاون الخليجي على فرص تجارية لا تعوض في إحدى الدول الأعضاء في المنظومة الخليجية حيث المطلوب استثمارها بشتى الطرق لأن البديل عبارة عن استحواذ شركات على الفرص الواعدة في قطر.