20 سبتمبر 2025
تسجيلقد يكون من أهم إنجازات طوفان الأقصى وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة وسكانها المستضعفين والمقصوفين والمرحلين قسرياً كما وصفتها في مقال سابق «نكبة فلسطين والفلسطينيين الثانية...في ذكراها الخامسة والسبعين»- عن انجازات عملية «طوفان الأقصى»-العملية النوعية غير المسبوقة، بتغيير قواعد اللعبة والاشتباكات بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وحروب إسرائيل الست على غزة منذ عام 2008. وبرغم انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005- لكنها استمرت التحكم بالمعابر وفرض حصار مطبق على غزة- جعل غزة أكبر سجن مفتوح وبيت عزاء جماعي- بكثافته السكانية الأكبر عالمياً في رقعة جغرافية صغيرة. لكن أهم ظاهرة نشهدها اليوم، نجاح عملية طوفان الأقصى بإيقاظ الوعي الجماعي للفلسطينيين والعرب وشعوب الغرب والشرق والتضامن الواسع مع الفلسطينيين بعد معرفة قضيتهم العادلة، وحجم الظلم والاضطهاد وفضح جرائم الاحتلال. ينعكس ذلك بتضامن والتفاف الشعوب العربية والإسلامية والناشطين حول العالم مع معاناة سكان غزة النازفين من جرائم الحرب التي دخلت أسبوعها السابع. وفضح جرائم الاحتلال دون تحقيق قوات الاحتلال الغازية انجاز استراتيجي يُذكر، سوى إبادة المدنيين العزل بجرائم حرب متنقلة-أودت بحياة 12,000 شهيد و30 ألف مصاب ومفقود تحت الأنقاض بينهم 1800 طفل-يعادل 2% من سكان غزة! من الظواهر اللافتة التي كشفتها حرب إبادة الصهاينة على غزة وسكانها المستضعفين يكمن في التباين والاختلاف الكبير بين الشعوب العربية والإسلامية، حتى في أمريكا وأوروبا وحكوماتهم! برغم المظاهرات الغاضبة في مدن أمريكا وأوروبا الكبرى الرافضة لمواقف حكوماتهم الداعمة لإسرائيل حتى رفض بايدن الضغط لوقف الحرب-بل استخدم الفيتو مرتين في مجلس الأمن لمنع وقف القتال والدفع بهدن إنسانية- في اصطفاف كلي مع جرائم حرب إسرائيل على غزة. فيما الشعوب العربية والإسلامية والغربية واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها تتضامن وتتظاهر بشكل لافت مع الفلسطينيين ويصرخون «فلسطين حرة». ويعبّرون عن تضامنهم بمظاهرات حاشدة وعلى منصات التواصل الاجتماعي بعرض فيديوهات وصور وتعليقات تفضح جرائم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي. في المقابل، تعجز الحكومات العربية والإسلامية عن تنفيذ قرارات بيانات القمة العربية-الإسلامية. وبعد أسبوع من القمتين في الرياض- لم ينجح النظام العربي بفتح معبر رفح وتنفيذ البند الثالث، بكسر الحصار على غزة وإدخال قوافل المساعدات العربية والإسلامية والدولية- ولا حتى الضغط مع إدارة بايدن لوقف إطلاق النار وحتى أضعف الإيمان فرض هدن إنسانية قصيرة توقف مسلخ حمامات الدم! وتطبيق قرار مجلس الأمن بهدن إنسانية لإدخال المساعدات والوقود وإخراج المصابين والمرضى والأجانب. دون التنديد والمطالبة بفرض عقوبات على جرائم إسرائيل! وهو ما رفضته إسرائيل! يزيد ارتفاع عدد الشهداء والضحايا والمصابين وقصف واقتحام المستشفيات وخاصة المستشفى الأكبر-مجمع الشفاء-حيث توفي جميع المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في غرف الطوارئ لانقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود والماء والدواء والغذاء-كما يحتمي في المجمع حوالي 7000 نازح للاحتماء من القصف والقتل في أوضاع مزرية، وسط عجز عربي وتواطؤ دولي، من حجم الغضب والاحتجاجات الشعبية! أدت تداعيات الحرب على غزة للإطاحة بوزيرة الداخلية البريطانية سويلا برفيرمان-المتشددة بعد اتهامها المتظاهرين المتضامنين مع الفلسطينيين والمطالبين بوقف القتال، بالكراهية، واتهمت الشرطة بالتهاون معهم- ليعفيها رئيس الوزراء من منصبها ويستبدلها بوزير الخارجية. يبدو الرئيس بايدن أكبر المتضررين لموقفه المنحاز، وقد يؤثر سلباً على فرص إعادة انتخابه لفترة ثانية العام القادم في مواجهة ترامب. وخاصة بعد مطالبته تخصيص 13 مليار دولار لتزويد إسرائيل بالسلاح والعتاد-ورفضه وقف القتال- برغم تراجع شعبيته داخل الحزب الديمقراطي-وانتقادات حادة من الجناح التقدمي لحزبه بقيادة السيناتور المخضرم بيرني ساندرز- والاحتجاجات في وزارة الخارجية وأعضاء في مجلس النواب وخاصة النائبتين المسلمتين- رشيدة طليب والهان عمر ومئات من موظفي الوكالة الدولية للتنمية الدولية-وموظفي الكونغرس. كما تعم حالة غضب شديدة اتحادات الطلبة في الجامعات الرئيسية ويخرجون في مظاهرات حاشدة أسبوعياً. واللافت- كمؤشر على الصحوة في معركة الوعي التي أوقدتها مجازر وجرائم حرب الصهاينة على غزة ما أحدثته من صدمة للأمريكيين- بعدما نبش وعرض تطبيق Tik Tok (موقع Letter to America صيني بمئات ملايين الحسابات) رسالة أسامة بن لادن لأمريكا. جعلت من رسالة بن لادن ترندا انتشر كالنار في الهشيم في أمريكا بسبب حرب الصهاينة على غزة…. أتى نشر تيك توك رسالة بن لادن في سياق وتوقيت الغضب العالمي والأمريكي العارم ضد إسرائيل. وفتح عيون وعقول الأمريكيين المغيبين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي وعن إذلال وقمع الفلسطينيين والاستيلاء على ممتلكاتهم- بدعم وتوفير التمويل والدعم السياسي والغطاء في الأمم المتحدة للاحتلال الإسرائيلي، من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والأوروبيين وغيرهم، ما يجعلهم شركاء في المجازر وجرائم الحرب! برر بن لادن في «رسالة لأمريكا» نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية باللغة الانجليزية في نوفمبر 2002- لتقوم الغارديان بغباء بعدما انتشرت على نطاق واسع بحذفها قبل أيام!! مما رفع من الشك والريبة! - يشرح بن لادن أسباب شن تنظيم القاعدة- بوصفه «غزوة مانهاتن». 1-لماذا نقاتلكم؟ 2- وإلى ماذا ندعوكم وماذا نريد منكم؟ لأنكم تهاجموننا وتهاجمون فلسطين. وتقدم أمريكا الدعم الكامل لإسرائيل بلا حدود! وذلك بعد 22 عاماً لأكبر عملية اعتداء تضرب الداخل الأمريكي باعتراف تنظيم القاعدة- بتفجير برجي التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع- البنتاغون خارج واشنطن بطائرات مختطفة، وبعد 12 عاماً على اغتيال أوباما أسامة بن لادن بعملية القوات الخاصة في باكستان. وبسبب قوة إيمان الغزيين، أطلقت الحرب اهتمام تعّرف الغربيين على الإسلام وقراءة القرآن الكريم واعتناق بعضهم الإسلام بشكل متزايد! وتستمر الحرب على غزة بفضح وحشية الصهاينة والمتواطئين معهم والداعمين والعاجزين عن وقف جرائمهم. وكذلك بنشر الوعي وإعادة القضية الفلسطينية للواجهة! وهذا يدفع لإحياء مفاوضات حل الدولتين.