19 سبتمبر 2025
تسجيلكيف نعالج كل هذا الجنون المرتبط بالعنف في العالم العربي؟! وكانه كان ينتظر "الربيع" لكي ينفجر في وجوهنا بكل افرازاته التاريخية والدينية والمذهبية والاثنية! ويبني اركانه على اقصاء الاخر ونفيه وقتله بدم بارد!!ظاهرة اللجوء إلى العنف قديمة، ومنذ زمن قابيل وهابيل، تقبل القربان من هابيل ولم يتقبل من قابيل، وبدل أن يراجع قابيل نفسه ويبحث عن العلل والأسباب في عدم قبول عمله وقربانه ، قام يهدد أخاه بالقتل، فقتله. ويعرف علماء النفس العنف، أنه سلوك ينـتج عن الإحباط، فقد عرفه بعضهم بأنه: نمط من أنماط السلوك ينـتج عن حالة إحباط، ويكون مصحوباً بعلامات التوتر ويحتوي على نية مبيتة لإلحاق ضرر مادي أو معنوي بكائن حي، أو بديل عن كائن حي. الباحث في عالم النفس ليوبوك سوندي قام بتحليل بدراسة شجرة عائلة الأديب الروسي الشهير ديستيوفسكي التي وجد فيها تعاقب مجرمين وقديسين، حيث كان بعض أسلافه قديسين والبعض الآخر مجرمين (حتى إن عمته قتلت زوجها بالسم)، وطرح فرضية مفادها أن الأساس البيولوجي هو واحد في كلتا الحالتين. وإنما الفرق في الخيارات القدرية التي يختارها الشخص، فالتطرف المزاجي في عائلة ديستيوفسكي كان يسخر حيناً لخدمة المثاليات فينتج قديساً وحيناً آخر ضدها فينتج مجرماً لكن هذه الفرضية تدفعنا للقول باحتمال أن يكون الشخص عينه قديساً ومجرماً في آن معاً. ويشير الى أننا جميعاً أولاد قابيل لذلك فإن نزعة العنف والرغبة في إلغاء أعدائنا (أي الرغبة في القتل واعية أم لا واعية ) موجودة لدينا جميعاً لكن قسماً منا يسمو بغرائزه وبهذه النزعة فيكون هابيلياً وقسم آخر منا يستسلم لمشاعره السلبية، حقد، ثار، غضب وكراهية، فتتعذى لديه الميول القابيلية. اما غوسدورف فيقول: " ان ازدواجية الأنا والآخر تتألف في شكل صراع " فطبيعة الإنسان تتميز بالأنانية، ولاستمرار بقاء هذه الذات يجب إقصاء الآخر الذي يهدد وجودها، لأن واقع الإنسانية يتشكل من تركيبات سيكوسوسيولوجية لأجناس متباينة ما يجعل الإنسان على حد تعبير هوبز : " ذئب على أخيه الإنسان. "ان العنف سلوك مرضي سلبي لا ينتهي إلا بمزيد من العنف المضاد و مضاعفته، ويكمن العلاج في تبني ثقافة اللاعنف، من خلال تنمية الملَكات النفسانية والروحية والفكرية التي تتيح للفرد تبنِّيَ موقف لاعنفي، في حياته الشخصية والاجتماعية والسياسية؟!