13 سبتمبر 2025

تسجيل

الإدهاش والنمطية

19 سبتمبر 2016

في زيارة لي إلى روما، بمناسبة تدشين النسخة الإيطالية من روايتي صائد اليرقات، التقيت بكثيرين من متابعي الثقافات المختلفة، بما فيها الثقافة العربية، منهم كاتب إيطالي من جيل الشباب، كان قد نشر روايتين من قبل رسختاه كاتبا معروفا في بلاده إلى حد ما. أخبرني ذلك الكاتب أنه زار جزءا من آسيا، ولم يزر بلاد العرب حتى الآن، لكن ما قرأه من كتب تراثية، وآداب كتبها العرب، وما شاهده من فنون نقشها فنانون منهم، في معارض مختلفة زارها، بهرته كثيرا، ويعلم الآن أن لدينا عوالم ساحرة ومدهشة، ويمكن أن نصنع إمبراطورية من الإدهاش الكتابي والفني، تماما مثلما حدث لأمريكا اللاتنية، فقط لو وسعنا من ترجماتنا، وأوصلنا من يستحق أن يصل إلى متذوقين آخرين. وقد بات هو شخصيا يحسدنا على ذلك، ويتمنى لو امتلك تلك العوالم التي كانت ستضيف إلى كتابته. ما قاله ذلك الكاتب يبدو جيدا بالفعل، وداعما للروح المعنوية بشكل كبير، ولا بد أن هناك كتابا آخرين من عالمه، يشاركونه نفس الرأي، وهذا في رأيي، بالضبط ما نبحث عنه حين نتوجه للآخر البعيد بآدابنا وفنوننا، عبر ترجمتها، بعيدا عن تقلبات السياسة، والتعب الاقتصادي، وأمزجة الأوطان المتقلبة في معظم الأحوال، وقد أنفقنا سنوات طويلة، نقلب في ثقافات الآخرين، نترجمها إلى لغتنا، ونختارها كلها لنقلدها أو نحذو حذوها من دون تفريق بما يلائمنا منها، وما لا يلائمنا.وبالرغم من أن الكتابة بالتحديد، في البلاد الأوروبية وأمريكا، قالت كل ما عندها منذ زمن طويل، ولم يعد ثمة ما يدهش فيها، إلا أنها ما تزال ترد في تعليقات القراء عندنا، في مواقع القراءة المختلفة على الإنترنت، بوصفها فتوحات يعجز كتابنا عن بلوغها. هذا ما أسميه الانبهار الدائم بالغرب، وأن ما يصنعه جدير بالمرور إلى تذوقنا بكل هيبة وإجلال، وبصفتي من القراء المواظبين منذ زمن طويل، اطلعت على معظم الروايات التي اشتهرت في الغرب مؤخرا، لسبب أو لآخر، وكان معظمها كتابات نمطية، لم تزد إلى القديم المتراكم في ذهني، شيئا جديدا، مثلا ثلاثية ملينيوم، للسويدي استيغ لارسن، التي بيع منها ملايين النسخ، وترجمت للعربية مؤخرا، ووجدتها صفحات طويلة من التداعيات الداخلية للشخوص، كان يمكن اختصارها كثيرا.