14 سبتمبر 2025

تسجيل

عام بلا موسم العودة إلى المدارس

19 أغسطس 2020

تولي دولتنا الحبيبة قطر التعليم أولوية هامة في مختلف مراحله، سواء المدرسي أو الجامعي أو التدريبي، مما جعلها في قمة الدول المتقدمة في هذا المجال، وفي آخر تصنيف أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي احتلت قطر المرتبة الأولى عربياً والمرتبة السادسة عالمياً من بين أقوى النظم العالمية والإقليمية، لذلك ينظر إلينا كل العالم نظرات دقيقة في إدارتنا للعملية التعليمية كتجارب يحتذى بها في كثير من الدول، وخاصة أننا أمام قرار صعب ألا وهو العودة إلى المدارس، وهو الموسم الذي يتكرر سنوياً، وجاء في هذا العام الاستثنائي (2020) وسط أجواء تخوف من جراء انتشار فيروس كورونا، الذي ما زالت آثاره ماثلة أمامنا يومياً منذ ستة أشهر وآثاره واضحة في كثير من دول العالم. هل بيئتنا المدرسية مهيئة للعودة إلى المدارس؟ اعتقد أن هناك تخوفاً كبيراً من أولياء الأمور من إرسال أبنائهم إلى المدارس لأسباب عديدة من أهمها: أولاً: الفيروس ما زال منتشراً ولم نصل إلى درجة الاطمئنان الكامل للوقاية منه، خاصة أنه لم يتم اكتشاف لقاح له حتى الآن، ولم تنجح كل البروتوكولات الطبية والتجارب في الحد من انتشاره. ثانياً: أبناؤنا غير معتادين على التعامل مع الإجراءات الاحترازية المشددة، مثل الالتزام بلبس الكمامة طوال الوقت والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وهذان الأمران يستحيل الالتزام بهما من قبل أبنائنا. ثالثاً: البيئة المدرسية غير مهيأة للتعامل مع الطلاب في المدارس، وسيبذل المعلمون والمعلمات جهوداً مضاعفة في مراقبة التلاميذ ومراقبة التزامهم بالإجراءات مما يشغلهم عن أداء رسالتهم التعليمية وزيادة أعبائهم الوظيفية في المدارس وتشتيت جهودهم وتركيزهم. رابعاً: سيفقد الطالب عدة معينات اعتادها أثناء الدوام المدرسي مثل الالتزام بعدم جلب أطعمة غذائية معه وعدم فتح المقاصف المدرسية مما يربك أولياء الأمور في الاطمئنان على صحة أبنائهم، خاصة أبنائنا أصحاب الأمراض المزمنة أو من يعانون من نقص غذائي. خامساً: لقد مررنا بتجربة سابقة في نفس هذه الظروف أثناء امتحانات الشهادة الثانوية في شهر يونيو الماضي وكانت تجربة صعبة بكل المقاييس من الناحية الإجرائية رغم قصر الفترة الزمنية لتواجد الطلاب أثناء أداء الاختبارات فقط، فكيف إذا كان التواجد لساعات طويلة وفي هذا الجو الحار. سادساً: لن تنجح العودة إلى المدارس لفترة طويلة، لذلك من المفيد أن تقوم الجهات المختصة بوزارة التعليم والتعليم العالي بوضع خطة كاملة تتضمن الفصل الأول بالكامل لعدم تذبذب الاستيعاب العلمي للمنهج للطالب باعتبار أن الفصل الأول منهج قائم بذاته من المفترض أن يتلقاه الطالب على نمط واحد، إما التعليم عن بُعد أو التعليم بالحضور المدرسي. سابعاً: الأسر القطرية اعتادت كل عام أن تتحضر للمدارس قبل وقت كاف من موعد فتح المدارس وحتى الآن لا نرى أي بوادر في الأسواق أو محلات جاهزة لتوفير المعينات المدرسية الضرورية. لعدم وأد فرحة المستجدين من أبنائنا الصغار ولكي لا ترتبك العملية التعليمية، نرى أن يتم وضع خطة لفتح المدارس للصفوف الأول الابتدائي والثالث الثانوي فقط وبشروط إجرائية مشددة ، لأنهم الأولى بتضافر الجهود لتلقي تعليمهم الطبيعي خاصة أبنائنا في الصف الأول ابتدائي لعدم قدرتهم على تلقي التعليم عن بُعد ولعدم تأثرهم بقتل فرحة دخولهم إلى المدرسة لأول مرة، والصف الثالث الثانوي لكي يكونوا جاهزين لأداء امتحانات الشهادة في الفصل الأول ولو استدعى الأمر أن يحضروا أياماً محددة في الأسبوع لو تعذر حضورهم يومياً. خطر انتشار الفيروس بين الأسر ما أعلنته وزارة التعليم والتعليم العالي بدوام الطلبة في المدارس بنسبة 100% اعتبارا من 20 سبتمبر القادم لن يتحقق في هذه الظروف المحيطة بنا، ومن الأجدر أن نركز جهودنا على وضع خطة للتعليم عن بُعد للمراحل الدراسية المختلفة ما عدا الأول الابتدائي والثالث الثانوي ، خاصة أن الفيروس في الوقت الحالي منتشر وسط العائلات والأسر أكثر من غيرها بعد أن كانت الأسر ملتزمة بعدم الخروج في بداية انتشار الفيروس، وكانت معظم الإصابات للعاملين وأماكن التجمع السكني والعملي، وحاليا قل الانتشار في تلك الأماكن لكسبهم المناعة ضد الفيروس، ونظراً لتخفيف الإجراءات الاحترازية خرجت الأسر والعوائل من البيوت وزادت أعداد المصابين بين الأسر مما ينبئ بتزايد أعداد المصابين من أفراد الأسر الذين كانوا ملتزمين في بداية الإجراءات، لذا وجب التريث في تنفيذ خطة العودة إلى المدارس أو تغييرها بالكامل تماشياً مع الظروف الصحية المستجدة حالياً. كسرة أخيرة أبناؤنا وفلذات أكبادنا جوهرة يجب تكاتف الجهود في كل مؤسسات وأجهزة الدولة للحفاظ عليها والعمل على ضمان سلامتهم الصحية وتهيئة البيئة التعليمية المناسبة لاستيعابهم العملية التعليمية السليمة وعدم تأثرهم بالظروف غير الطبيعية التي يعيشها العالم من حولنا. كاتبة صحفية وخبيرة تربوية [email protected]