12 سبتمبر 2025

تسجيل

فرعون في القفص

19 أغسطس 2011

مشهد مبارك في القفص يشكل بداية مرحلة جديدة في تاريخ البشرية مشهد مبارك في القفص يستحق قراءة من زوايا متعددة فهو يشكل بداية مرحلة جديدة في تاريخ البشرية . الملايين في مصر وفي العالم تابعوا المشهد بمشاعر متباينة أهمها الفرح ، لكن لو أدركت شعوب العالم الدلالات الحقيقية للصورة فإن الفرح سيكون أكبر . وقبل أن أقدم قراءتي لأهم أحدث هذا العام لابد أن نحمد الله سبحانه وتعالى الذي أنعم علينا برؤية فرعون في القفص في شهر رمضان ، وهو شهر الانتصارات الكبرى في تاريخ الأمة. هذا الذي نشاهده لم يكن يدور بخيال أحد ليس بسبب عدم قدرة الخيال الإنساني على الجنوح ، لكن لأن الفرعون كان يمتلك جهاز أمن يكفي لبث الرعب في قلوب الناس حتى أقلع الجميع عن استخدام خيالهم خوفاً . منذ سنوات قليلة بنى فرعون مصر الأخير سجناً أطلق عليه اسم يعقوب، و سرب الأمن عنه قصصاً تفوق كل ما رصده التاريخ عن سجون محاكم التفتيش ، و سجون الإمبراطورية الرومانية . و الأمن كان يسرب تلك القصص ليقول لكل من يفكر في الاعتراض على التوريث أنه سيتعرض لكل أشكال القهر البدني و المعنوي و النفسي ، و أنه في ذلك السجن الرهيب لا وجود لقوانين أو أعراف إنسانية ، فالفرعون أطلق يد أعوانه في قهر الناس و انتهاك إنسانيتهم . ملخص تلك القصص عن سجون الفرعون هو ببساطة إن شئت أن تعيش فتوقف عن التفكير ، ولا تحلم بحرية أو عدالة ، أو ترك البلاد للعصابة التي تحكمه . والقصص التي تسربت عن السجون لا تصور الواقع ولا تقدم سوى القليل من الحقائق ، فعندما اقتحم المتظاهرون مبنى جهاز أمن الدولة في مدينة نصر ظهرت الحقائق الخطيرة عن غرف التعذيب السرية الرهيبة . وجهاز الأمن الذي بناه الفرعون بلغ عدد أفراده أكثر من مليون جندي ، ويدي هذا الجهاز الشيطان حبيب العادلي . وخلال حكم الفرعون تم اعتقال مئات الآلاف وقتل عدد كبير في محاكمات صورية ، أو بدون محاكمات ، وكل مصري تعرض لأنواع مختلفة من القهر. لكن ذلك الجهاز الأمني الذي يمتلك كل أشكال القوة المادية لم يستطع أن يحمي الفرعون .. نهب قادة هذا الجهاز خاصة ضباط مباحث أمن الدولة ثروات مصر ، وبنوا أكبر شبكة فساد في التاريخ ، وانتشرت الرشوة وتجار المخدرات والبلطجية ، ومع كل ذلك سقط الفرعون وانخلع ، ودخل القفص نائماً على سرير ، وفتح فمه ليتثاءب به أمام الكاميرات . كان كل شعب مصر يتمنون أن يموت الفرعون ، فالموت هو الوسيلة الوحيدة للتخلص منه ، لكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يذله . لذلك يجب أن نقف الآن خاشعين أمام إرادة الله ، وأن يزداد إيماننا بقدرة الله ، فقد تعرض مبارك لعدد من محاولات الاغتيال لكنها فشلت لأن الله أراد أن يعيش فرعون مصر ليكون آية لكل من يأتي بعده ، ولكل طغاة العالم والمفسدين في الأرض . من أراد أن يستكبر في الأرض ويفسد ويقهر الناس فلينظر إلى مصير مبارك وهو لا يمكن أن يكون أقوى منه ، ولن يمتلك جهازاً أمنياً مثله . لقد أذل مبارك شعب مصر فأذله الله ، واستخدم الفرعون جهازه الأمني في قهر الناس لكن هذا الجهاز انهار فجأة بعد أن أطلق الرصاص الحي على صدور المتظاهرين ، فارتكب جريمة ضد الإنسانية . لكن لماذا انهار هذا الجهاز برغم كل قوته .. التفسير الوحيد لذلك هو أن الله وحده هو القوي ، وهو الذي بث الرعب في قلوب ضباط هذا الجهاز فانسحبوا أمام متظاهرين يرددون سلمية سلمية. لذلك أنا أتمنى أن يستمر نقل التلفزيون بشكل مباشر لمحاكمة مبارك فلربما يشاهد بشار الأسد والقذافي وعلي عبد الله صالح المشهد فيعرفون أن مصيرهم لن يكون أفضل من مصيره وأن الله يمد في أعمارهم ليذلهم . لقد أراد الله سبحانه أن يعلمنا درساً ، لقد أردنا أن يموت الفرعون ، ولو مات لشيعت جنازته في موكب مهيب ولاستمرت سيطرة جهازه الأمني لكن الله أراد أن يذله هو وكل المنافقين الذين فرعنوه . ونحن الآن ننتظر أن نرى آيات الله في بشار والقذافي وعلي عبد الله صالح وكل الطغاة .