10 سبتمبر 2025
تسجيليمر كلٌ منا في حياته بظروف وأحوال متقلبةٍ، وهذا بطبيعة الحالِ يرمي بظلاله على انتاجنا المعرفي وتحصيلنا العلمي، وربما النفسي كذلك، علاوة عن علاقاتنا الاجتماعية مع محيطنا، إلاّ أنّ المهم في هذه المرحلة من التقلبات ألاّ يفقد الإنسانُ بوصلته وأهدافه التي يُفترض أنه رسمها وخطط لها بعناية فائقة وتفكيرٍ عميق وأحبها وبذل في سبيل تحقيقها. وفي هذه المرحلة من التقلبات على الإنسان أن يعلم ويشعر يقينًا أنّ ما يمر به من ظروفٍ قاسية هنا وهناك إنّما هو ألمٌ مؤقتٌ؛ فيتحملَ تعبَ ساعةٍ وتدرُب يومٍ وجوعَ حينٍ، ثم ينطلق نحو الرّقي والسّمو ويُمضي بقيةَ حياته بكبرياءِ ونعيمٍ، وله أيضًا أن يستمرَ بين الحفرِ، يخاف صعود القمم الشاهقة التي توصله إلى ذرى المجد والنّجاح. على الإنسان ولا سيما الشّاب في مقتبل عمره ومستقبله الدراسي أن ينتبه جيدًا للبدايات؛ لأنّه من المستحيل أن يعود الإنسان للوراء ليصنع بداية جديدة، فالبداية الأولى هي التي ترسمُ وتحددُ مسارَ حياتِه، فمن كانت بدايته محرقةٌ كانت نهايتُه مشرقةٌ، ومن شبّ على شيءٍ شاب عليه؛ فالبدايات مهمة لأنّ المكاتيب تُقرأ من عناوينها، البدايات كل شيء لأنها زرعك الأبدي الذي ستحصد نتائجه في موسم النهايات الدراسية والحياتية كذلك. وعلى المرء أن ينطلق في مشواره وصراعه مع نجاحات الحياة مدركًا أنّ النجاحَ ليس قدرًا لغيره دونه، فالنجاح قرارٌ والبوصلةُ اليومَ بين أيدينا و صحائفنا فارغة فلنملأها بما نريد رؤيته في المستقبل، وما نحب أن يكتب عنا فيه، ولنذكر قول الشاعر: ومــــــــن تكــــــــــــــنِ العليــــــــــــاءُ همـــــــــــــــــةَ نفســـــــــــــــه فكــــــــــــــــلّ الـــــــــــــذي يلقـــــــــــــــاه فيهــــــــــــــــــا محــــــــــــــــببُ فلا شيء يوازي لذة النجاح والتميز، وهذا يتطلب منا أن ننتصر على عدونا الداخلي ألا وهو النفس وملذات الحياة الزائلة، وأن تكون تصرفاتنا عقلانية، منطلقة من أُسسِ قيمنا وثقافتنا، بعيدًا عن عادات ظاهرها التميز وفي باطنها هدم قواعد المجتمع وتفكيك بنيانه. وهذا يتطلب من المرء أن يوازن بين جميع احتياجاته الجسدية والعقلية والعاطفية والروحية وأن يعطي لكلٍّ منها حقه لتعطيه خيراتها. ختامًا: عودٌ على بدءٍ والعنوان فلعل القارئ الكريم وجدَ فيه غرابة، فهو عبارة مقتبسةٌ من كتاب «العادات السبع للناس الأكثر فعالية» لـ «ستيفن كوفي» ويذكر فيه قصة شحذ المنشار؛ فيقول إنّ النّجار الذي يقطع الأشجار من بستانه بكثرة سيصبح المنشار غير قادر على القطع بقوة وسرعة كما كان من قبل، وهذا يتطلب من النجار أن يشحذه بين فينة وأخرى ليستمر بعمله المثالي، لا أن يستمر ويُلقي باللوم على المنشار، كذلك الإنسان عليه أن يأخذ قسطًا من الراحة والاستجمام بين الحين والآخر، لا أن يستسلم ويترك الحبل على الغارب، ويبقى مسك الكلام أنّ الأفكارّ كثيرةٌ والفرص لا تُعدّ ولا تُحصى، غير أنّ قلة من الأشخاص هم الّذين يحولونها إلى إنجازات.