11 سبتمبر 2025
تسجيلإذا قلّ ماءُ الوجه قلّ حياؤه ولا خيرَ في وجهٍ قلّ ماؤه نحاولُ بين الفينة والأخرى أن نتناسى همومنا ومعها أوجاعُ الإنسانيّة في فلسطين؛ علنا نحظى ولو بلحظة صفاءٍ تعيد لنا توازننا، تعيد إلينا حقيقتنا البشرية، ولكن دون جدوى!! فحتى هذه الـ (علنّا) لم نحظَ بها بعد. فلا شيء في الأفق يبدو على ما هو عليه؛ ظلمٌ بأبشع صوره في فلسطين، وحرمان من أبسط حقوق النفس البشرية، تجويع وقهر واغتيالات فاقت كلّ ما سطرته كتب التّاريخ عن الحروب، والضحيةُ في كلّ ما سبق هو ذاتنا البشرية التي ما خلقت إلاّ لتكون معززة مُكرّمة، يُسيّر الوجودُ بأسره لخدمتها، ولكن حين تحولت الحضارةُ إلى مدنيّة ماديّة مجردة، أصبح الإنسانُ أبخسَ ما فيها، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُعد وتُحصى، ولعل أوضح شاهد على ذلك يتمثل بتلك الأسلحة التي تستخدمها الآلة الصهيونية في فلسطين المحتلة، وهي تقتلُ البشرَ والحجر والشجر وحتى الأطفال الخدّج، دون مراعاة لأيّ قيم أو أعرافٍ، فهل تحول الإنسانُ لسلعة أرخصَ من كلّ ما سبق؟!. إنّ ما تقوم به آلة الحرب الصهيونية في فلسطين على مرأى ومسمع من العالم الحر دون تنديدٍ أو صرخةِ غضبٍ أو استنكار حقيقي، سيبقى وصمة عارٍ تلاحق الإنسانية جمعاءَ لعقودٍ وقرون، وستصبحُ كرامة الإنسان وجهة نظرٍ في سوقِ المزاودات السياسية، ومصالح الأيدلوجيات على حساب المبادئ والقيم وحقوق الشعوب في أرضها وتقرير مصيرها، وهذا بدون شكٍ سيولدُ أجيالًا لا ثقة لها بمواثيق الأمم المتحدة والمعاهدات المرتبطة بها، ولا سيما القانون الدولي الإنساني الذي ينص على حفظ أرواح المدنيين في أوقات الصراع والنزاعات. يا للعار ويا للشنار ويا لخيبات الزمان، يا للثكالى واليتامى في (فلسطين النازفة) والذين يُقدرون بالملايين، من يعوضهم عمّا فقدوه - إن كان له من تعويض - من يُعيد البصر لطفلٍ فقد عينيه، ومن يزرع البسمة على وجه زوجةٍ فقدت شريك حياتها، ولرجلٍ بُترت ساقه، ولآخرٍ فقد عائلته كاملة، ومن..... ومن؟!!. وفي كلّ ما سبق يبقى السؤال: من يجرؤ على محاسبة القتلة المدججين بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة؟ الذين فقدوا ماءَ الإنسانية بهمجيتهم، وينادون صبح مساء: إننا هنا؛ نقتل ونسحق ونفعل ما نشاء! والسؤال الآخر: ما ذنبُ شعبٍ بأكمله يُهجّر وتُستباحُ حقوقه، لأنه رفض الخضوع، ولم يرفع راية بيضاء بوجه محتلِ أرضه؟. تُرى ألم يأنِ للذين يتبجحون بالحرية والديمقراطية أن يكفوا عن تلك الشعارات الزائفة؟ ألم يأنِ لنا أن نستعيد ولو لمرة تراث أجدادنا وحضارة أمتنا، ونقول: فلا نامت أعين الجبناء؟. ويبقى: أن لا شيء على ما يبدو علينا، لا شيء مما صنعته يدانا، إذًا كيف يكون؟