11 سبتمبر 2025

تسجيل

مكياج عزا

19 يوليو 2023

لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع بفقد أحد إما قريب، أو صديق، أو جار، إنه الموت الذي يدخل كل بيت، هذا يبقى قضاء الله وقدره، ولكل منا أسلوب في التعبير عن مشاعر الحزن والألم، ولكن نتفق جميعا أن الموت أمر عظيم على النفس وفي أحيان كثيرة يفقد السيطرة على مشاعره، فيصبح أضعف ما يمكن في هذا الوقت. لذلك شرعت التعزية وهي من الأمور المستحبة، لما فيها من التصبير والتخفيف على أهل الميت وحثهم على ابتغاء الأجر في مصابهم. قبل بضعة عقود، كانت تتضح صورة الترابط بين الأهل والجيران والأقارب، بصورة أكبر من خلال تواجدهم ومواساتهم لعائلة الميت والتخفيف عن حزنهم وضيقهم، بل توفير كل ما يحتاجونه في هذا الوقت الصعب. أما اليوم ومع التطور التكنولوجي، فقد أصاب التطور الكثير من عاداتنا وتقاليدنا، ولا يخلو الأمر من التطور والتغيير الذي أصاب مجالس العزاء والتي تحمل معها مخالفات كثيرة في هذه الأيام. على سبيل المثال عدم التزام البعض بوقت التعزية، كالدخول لتأدية العزاء في الصباح الباكر، أو ظهرا أو بعد انتهاء وقت العزاء بالليل، وهو وقت راحة ونوم أهل المتوفى فقد كان يومهم طويلا جدا بلا شك يحتاجون الراحة. بالرغم أن ديننا وضح آداب التعزية ووقتها. مع الأسف الشديد صارت بعض مجالس العزاء ساحة للاستعراض، من عمر الدنيا ما سمعنا بمصطلح مكياج العزاء، مؤلم جدا لأهل الميت الدخول عليهم بمكياج وطلاء الأظافر، وأكثر من ذلك فساتين وعبايات، بموديلات تلفت الانتباه، ما الغرض من ذلك؟! إن الهدف الأساسي من حضورك للعزاء هو تقديم واجب العزاء فقط ومواساة الأهل، ومن غير الجائز الاستهانة بأحزان الآخرين، الالتزام والاحتشام وجهان لعملة واحدة، وضروريان، ابتعدي عما قد يؤثر على المظهر اللائق الذي يدل على شخصيتك المتزنة، وتأكدي لن ينسى أحد موقفك أبدا كان سلبا أو إيجابا. الغريب والمؤلم، في نفس الوقت في العزاء تجد هناك مجموعة من الصديقات أو المعارف يتجاذبن أطراف الحديث ويعلو صوت الضحك غير المبرر، بلا أدنى احترام لأهل الفقيد!!! بلا شك أمر غير لائق، وغير مقبول اجتماعيا في مكان العزاء ويعطي انطباعا سيئا جدا عنهن. أمر آخر مهم يجب الانتباه له، إن التطفل على حياة الآخرين لا يعبر عن الاهتمام، ولكن يتضح مدى اهتمامك بمعرفة التفاصيل، ليس لسبب إنما فضول لمعرفة أسرار الآخرين. الأسئلة: كيف؟ ولماذا؟ وماذا حصل له؟ لا داعي لها، وهي أسئلة لا الوقت ولا المكان يسمح بذلك، لا شأن لك بذلك إلا إذا تكلم أهل الفقيد عنه، في هذه الحالة الصمت أفضل. إلى اليوم لا أنسى وجه من حضرت للتعزية وكأنها محققة، وكانت أسئلة متتالية لا لسبب إنما فضول وكان الصمت والتجاهل الحل المناسب لها في الحقيقة. يعتبر مفهوم الحزن والعزاء واحدا في كل العالم، باختلاف البلاد واختلاف اللغة، والثقافة، ولكننا نتفق أنه مؤلم ومحزن جدا، ورسالتي إلى كل من يحضر لتأدية العزاء لا تكونوا سببا في زيادة ألم أهل العزاء، ولكن رحمة بقلوبنا وقلوبهم، لا أراكم الله مكروها في عزيز. كل هذا وبيني وبينكم..