12 سبتمبر 2025
تسجيلأبو البركات البربري، رحالة مغربي يقال إنه كان سببا في دخول سكان المالديف في الإسلام الذي وصل إلى تلك الجزر عام 548 هجريا، 1153م، وكان لذلك قصة أسطورية غريبة رواها الرحالة الشهير ابن بطوطة في رحلته الكبرى في القرن الرابع عشر الميلادي. فماذا تعرف عن قصة انتشار الإسلام في جزر المالديف التي لا يُعرف عنها شيء سوى طبيعتها الساحرة؟ومن هو أبو البركات هذا الذي يعرفه ويقدره ويكرمه كل سكان المالديف، في حين لا نعرف نحن عنه شيئا؟ لا شك أن الصور الذهنية التي يخزنها الكثيرون في مخيلتهم عن جزر المالديف هي تلك الشواطئ الذهبية والغابات الكثيفة بطبيعتها الجميلة ومناظرها التي تسحر القلوب والأبصار. لكن الذي يغيب عن أذهاننا هو معرفة تاريخ هذه الدولة بجزرها التي تفوق الألف جزيرة، وسكانها الذين لا يتجاوزون نصف مليون نسمة!! لكن جميعهم مسلمون بالضرورة. فلكي تكون مالديفيا يجيب أن تكون مسلما. فما قصة الإسلام في هذا البلد البعيد الذي تنتشر جزره في المحيط الهندي، ومن يقف وراء نشر الدعوة الإسلامية في مثل هذه المناطق؟ قرعة العفريت والبنت العذراء تبدأ القصة في سنة 1153م / 548 هـ،عندما كان أبو البركات البربري في زيـارة إلى إحدى الجُـزر التي تقع في المحيط الهـندي وتُسمى « الـمالـديـف «حينها نزل عند بيت سيدة عجـوز ليجلس بعـض الوقت، فوجدها تبـكي هي وأفـراد أسرتها كـأنهم في عـزاء، فسألها عن سبب البُكـاء، فتحدثت ولم يفهم كلامهـا، فطلب تُـرجمـان، وبعد ذلك فهم أن عند أهـل هذه الجزيـرة عـادة وحدث يتم كل شهـر يسبب هذا البُكاء، «وهو أن هناك «عفـريـت» يأتي كل شهر من البحـر ليُهاجـم الجزيـرة، وليتفـادى أهـل هذه الجزيـرة هذا العـفريت.. فإنهـم يقترعـون ويعملون قُـرعـة، قبل نهايـة كل شهـر بينـهم على من في بيته بنـات عـذراوات، ومن تقع عليه القُرعـة، يُقـدم ابنته العـذراء لهذا العـفريت؛ فيأتـوا بها ويُزينـوها ويلبسوها أفخـر الثـياب، ثم يُجلسوهـا في كهـف الأصنـام الذي يطل على البحر، فيأتي العفريـت عليـها، وفي اليوم التالي يأتـون للكهـف، فيجدوا أن البنت منفـضة البكـارة ومتوفيـة، وفي هذا الشهر وقعت القُرعـة على بنت هذه السيدة العجـوز التي جلس الشيخ عند منزلها، وهي سيدة أرملة ولا تملك إلا هذه البنت الوحيدة». ماذا فعل هذا الشيخ فقال الشيخ لهذه السيدة العجـوز إنه سيـفدي ابنتها في هذا الشهر وسيذهب هو في الكهف مكانهـا، فذهب الشيخ وجلـس في هـذا الكهـف وظـل يتلو القـرآن الكريـم، حتى جـاء العفريـت ونظر إليـه من فتحـة الكهـف، فظـل الشيخ يتلو القـرآن، حتى انصرف عنه العفريـت ونـزل إلى البحـر مرة أخـرى، ثم جـاء قوم الجزيـرة في اليوم التالي ليأخـذوا جثـة الفـتاة لكي يحرقوهـا كعادتهم مثل كل شهـر، فوجـدوا الشيـخ هو الـذي جالـس ويتلو القـرآن، فأخـذوه إلى ملك هذه الجُـزر الذي يُدعى «شـنـورازة»، وحكوا لـه ما حـدث، فتحـدث مع الشـيخ وعـرض عليه الشيخ ديـن الإسـلام، فقال لـه الملك: « ابقى عندنـا هذا الشهر أيضـًا وإن أنصـرف العفـريت دخلت الإسـلام». وبقى الشيخ في هـذه الجُـزر لمـدة شهـر آخر وقبل إتمـام الشهر كـان الملك قد أقتـنع بالإسـلام وتسمى باسـم جديد وهو: الملك «محـمد بـن عبد الله» وحين جـاء موعد نهايـة الشهر ذهـب الشيخ وجلس في الكهـف وظلّ يتلو القـرآن الكريـم حتى الصبـاح، فـأتى الملك والقـوم ووجـدوا العفريـت لم يـأت ووجدوا الشيخ جالسًا ويتلو القـرآن، فحطـموا الأصنـام التي في الكهـف، ودخل كل أهـل الجزيـرة الإسـلام وبعـثوا إلى بقية الجُـزر ودخلـوا هُم أيضا الإسـلام، وسـاروا على مذهـب هذا الشيخ، ألا وهو المذهب «الـمـالكـي»، مذهب الإمـام «مالك» رحمه الله. وبهذا تحولت الجُـزر المالديفية من أكبر جُـزر العالم الوثنية، إلى دولـة إسلامـية ١٠٠٪ يخـلو سكانـها من أي ديـن غير الإسـلام، وترفض إعطـاء الجنسية إلى أي إنسـان ليس على ديـن الإسـلام. كسرة أخيرة وهنا نتساءل نحن كمسلمين متى يعود دور هذا الدين الحنيف السمح في توجيه المجتمعات المسلمة وتحقيق تقدمها وصيانة مكاسبها وتجسيد طموحاتها في العزة والكرامة والمجد، وعن التعايش المصيري والضروري بين قيم العقيدة ومستحقات السياسة وقوانين ودساتير الدول، هذا التعايش الذي يبدو للرأي العام صعبا وذا إشكاليات إذا ما اكتفينا بسماع أصوات بعض الشيوخ الذين يقرأون ظاهر النصوص الحرفية ويوصدون أبواب الاجتهاد ويلغون نعمة العقل، فيقدمون للعالم هذا الإسلام الحنيف كأنه إسلام عنف والغاء العقل مثلما وقع بأفغانستان بعد سيطرة طالبان على الحكم هناك من تفجير التماثيل البوذية الأثرية أو اقامة الحدود في صيغتها النصية القابلة في الحقيقة للتفسير والتأويل والتحديث أو إسلام قهر المرأة بينما هو دين الإسلام هو الذي رفع المرأة إلى منزلة الشريك الكامل للرجل وأسند لها الحق في المال المستقل والعمل الكامل والقيادة السياسية والإبداع الثقافي والتأثير التربوي.