11 سبتمبر 2025

تسجيل

لا شيء يهم سواها الرسالة

19 يوليو 2016

(الرسالة هي ما تهم فعلاً)، حقيقة غُرست في أعماقي منذ الصغر وتركت أثرها جلياً في نفسي؛ لأنها تُلخص أهم أسرار الحياة في عبارة واحدة (فقط) تؤكد على أن ما يهم فعلاً هو ما تحمله (الرسالة) التي تُنشر فتنتشر؛ لتُحقق الغاية المُرجوة منها، ولا يُدرك طبيعتها سواه المُرسل الذي يعتمد نجاحه في إتمام مهمته على المحتوى كقاعدة أساسية يأتي من بعدها حقيقة ما هو عليه، الحقيقة التي تعتمد على ما سيكون منه، فهو وإن توارى خلف الستار؛ كي يبقى بعيداً عن الأنظار، ويحافظ على هويته التي يخشى بأن تكشف حقيقة ما يسعى إليه، سيكون كمن منع رسالته من الانتشار حتى وإن شقت طريقها نحو ذلك، في حين أنه وإن فرد صدره؛ كي يُبين للجميع قدرته على تحمل مسؤولية ما تحتويه رسالته وما تدعو إليه، فإنه سيكسب ود المتلقي وقلبه؛ ليجده وقد مال إليه وبكل سهولة، خاصة وأن المثول أمام هذا الأخير والتواجد معه على ذات البقعة يبعث في النفس راحة لا حد لها، فالمتلقي يبحث عن المحتوى الجيد، ويبحث عن المرسل الذي يتمتع بخصال جيده تُجبره على تلقي المزيد منه دون أن يشعر بأي كلل أو ملل، وفي حقيقة الأمر فإن هذا النموذج الأخير هو الأحق بالانتشار؛ لأنه الأقدر على توضيح ما تحتويه رسالته من نقاط، كما أن كل ما سيتقدم به لن يكون فارغاً؛ لأنه قد بُني على هدف، وسيُوجه لهدف أيضاً، في حين أن النموذج الأول وإن كانت رسالته تحتوي على بعض الفائدة إلا أن قيمتها ستسقط أمام غياب هوية المُرسل، الذي يحتاج إليه المتلقي، للدخول في تفاصيل محتوى الرسالة والتعرف عليها على خير وجه، فهي لن تكون ذات منفعة حقيقية ما لم تكن قائمة على المصداقية، التي تتطلب التعريف بالمُرسل، الذي سيُنسب إليه المحتوى في نهاية المطاف. الفعل وردة الفعلنحن نتحدث عن الرسائل، ونعيش في زمن تعددت فيه وسائل التواصل التي تساعد تلك الرسائل على الانتشار؛ ليصبح كل واحد منا كالمرسل تارةً والمتلقي تارة أخرى، وبين الحالة الأولى والثانية تظل الرسالة هي الأهم؛ فحين يتعلق الأمر بالمرسل فلاشك أن ما سيكون منا هو (الفعل) الذي سنوجه به الآخرين من خلال رسالة ستلعب دوراً لا يُستهان به، ثم وحين يتعلق الأمر بالمتلقي فلاشك أن ما سيكون منا سيأتي كـ (ردة فعل) لفعل سبق وأن كان وبلغنا من خلال رسالة مؤثرة أثرت على الكثير من أفراد المجتمع، وستكون قادرة على التأثير على المجتمع ذاته وإن كان ذلك على المدى البعيد، مما يعني أن المهمة صعبة للغاية ولا يجدر بنا الاستهانة بها بتاتاً؛ بسبب النتائج الكبيرة التي ستلعب دوراً خطيراً ما لم يتم التحكم بها وضبطها منذ البداية، وحين أقول البداية أعني البداية التي يشعر فيها المرء برغبة بث رسالة (ما) ونشرها في محيطه؛ لأسباب تُحمله على فعل ذلك، ولها الحق بأن تفعل ولكن شريطة ألا يكون في الامر ما سيبث الأذى في الآخرين، فمن يمنح نفسه ذاك الحق يجدر به الانصات لضميره قبل أن يفعل، فكل ما سيخرج منه لاحقاً قد يؤثر وبشكلٍ سلبي في الآخرين متى انحرف عن مسار الصواب؛ لذا وجب تسليط الضوء على هذه النقطة الأساسية، وهي موافقة الرسالة للضمير، الذي وإن لم يجد أي ضرر من كامل الأمر فلاشك أن بثها؛ كي يتلقاها الآخر هي الخطوة التي لن يندم عليها أبداً، فيكون بذلك كمن قام بالفعل المناسب وفي الوقت المناسب أيضاً، وما سيلحق بفعلته تلك هو ترقب ردة فعل (المتلقي) الذي سيُعزز من قيمة الرسالة ويؤكد عليها.وماذا بعد؟على الرغم من التطورات التي تلحق بنا كبشر؛ ليبدو كل واحد منا ملائماً للعصر الذي ينتمي إليه، إلا أننا لا نستطيع تغيير الحقائق الثابتة أو حتى التلاعب بها، فهي وكما ذكرت (ثابتة)، (نعم) قد يبدو لنا ومن الوهلة الأولى أنها قد تغيرت إلا أننا وأن أمعنا النظر جيداً فسندرك أننا ندور في ذات الدائرة، فحين نتحدث عن القوالب التي تحتوينا كبشر، فسنجد أن المرسل هو ذاته المرسل مع اختلاف الأدوات، والمتلقي وإن اختلفت خلفيته الثقافية إلا أنه سيظل ذاك المتلقي، الذي يبحث عن المزيد والجديد في كل مرة يدرك فيها أن رسالة جديدة على وشك أن تكون ومن ثم تُرسل إليه، مما يعني أن الاختلاف الوحيد الذي يملك حق الظهور في الساحة هو من نصيب محتوى (الرسالة) التي يجدر بصاحبها توخي الحذر التام فيما يتعلق بدقتها، فليس كل ما يخطر على البال يستحق النشر، وليس كل ما يصلنا مُحملاً بوصية التوريث والامتداد يستحق النشر، ولكن كل ما نشعر ومن الأعماق بأنه يستحق النشر فعلاً بصفته الأقدر على تغيير حياتنا للأفضل هو ما يستحق النشر.وأخيراًالعديد من الرسائل تصلنا وبشكل يومي؛ لتحمل في رحمها حقيقة (ما) لا حق لها بأن تُعرف على أنها حقيقة حتى نتأكد منها، من خلال البحث عن أصلها ضمن رحلة لا بد وأن تكون، فإن قمنا بها على خير وجه وجاء كل ما فيها موافقاً لضمائرنا توجب علينا نشرها دون تردد، ولكن ومتى كانت مخالفة فالأولى بأن نُنهيها حتى من قبل أن تكون، فهو الصواب الذي سندرك معه الخير لنا وللجميع، وحتى يكون ذلك فعلاً أتمنى كل التوفيق لي ولكم.