14 سبتمبر 2025

تسجيل

منزلة التذكر

19 يوليو 2014

ومن أهم الوديان التي يقع فيها بعض السالكين إلى الله، الانشغال بالغير تذكرا ووعظا، والغفلة عن الذات تنبيها ولوما، فيقول ولا يعمل، وينبه ولا يتنبه، والنفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعمله ولا ينتفع به، وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواء لمرض به مثله، والطبيب معرض عنه غير ملتفت إليه، بل الطبيب المذكور عندهم أحسن حالا من هذا الواعظ المخالف لما يعظ به، لأنه قد يقوم دواء آخر عنده مقام هذا الدواء، وقد يرى أن به قوة على ترك التداوي، وقد يقنع بعمل الطبيعة وغير ذلك بخلاف هذا الواعظ، فإن ما يعظ به طريق معين للنجاة لا يقوم غيرها مقامها، ولابد منها، ولأجل هذه النفرة قال شعيب عليه السلام لقومه {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} [هود: 88] وهذا شأن أهل الاستقامة.وقد قال بعض السلف: إذا أردت أن يقبل الله جل وعز منك الأمر والنهي، فإذا أمرت بشيء فكن أول الفاعلين له، المؤتمرين به، وإذا نهيت عن شيء، فكن أول المنتهين عنه، هذا هو الضابط الفصل بين أهل الاستقامة وأهل الغفلة، وقد قيل:يا أيها الرجل المعلم غيره.. هلا لنفسك كان ذا التعليم؟تصف الدواء لذي السقام من الضنى.. ومن الضنى تمسي وأنت سقيملا تنه عن خلق وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت ذميمابدأ بنفسك فانهها عن غيها... فإذا انتهت عنه فأنت حكيمهناك يقبل ما تقول ويقتدى... بالقول منك وينفع التعليمفالعمى عن عيب الواعظ من شروط تمام الانتفاع بموعظته.