10 سبتمبر 2025
تسجيليمتلك كل شعب طابعاً خاصاً يصبغ به أفراده، فتجد الأمثال التي تجمع خلاصة الفرد في الحياة وما اتخذه أسلافنا رافداً لحديثهم يكتسب جمالًا كلما قل ودل، فمقولة مثل “العرق دساس” ربما أنت سمعتها في أكثر من محفل ولكن ماذا تعني؟ وكيف ظهرت؟ وما علاقة الفرس التي رضعت من البقرة بأصل هذا المثل؟ إنها المقولة التي تُردد بعد فعلة قبيحة فعلها أحدهم وقلما يكون الأمر خيراً، وتعني أن الأصل الحقيقي لابد أن يغلب في النهاية، فعرق الوراثة يصل من السلف إلى الخلف، الصفات والطباع التي نراها ونلمسها في الشخص، ليست كلها منه أو من تربيته أو مكتسبة من بيئته الحاضرة. قصة المثل دخل رجل غريب بلدة وهو ينادي أنا سياسي أحل المشكلات بين الدول، بين القبائل وبين الشخصيات أنا سياسي. سمعه الملك وهو جالس في قصره فقال لرجاله آتوني بهذا المنادي دخل الرجل وبعد التحية والسلام سأله الملك: أنت سايس ؟؟ أي يربي الخيل ويهتم بشؤونها قال السياسي: لا أنا سياسي فقال الملك: لا أنا سمعت أنك سايس واليوم تم تعيينك عندنا «سايس» للخيل ولي فرس أحبها وأريدك أن تهتم بها. رد السياسي: أنا لست «سايس» أنا سياسي قال الملك: قلت لك إنك سايس وإلا أعدمتك - فما كان من الرجل إلا الامتثال لأمر الملك خوفا من الإعدام فتسلم الفرس من السايس السابق وحذره قائلا: هذه الفرس أعز على الملك من روحه احذر أن تخبره بعيوبها وإلا أعدمك. ثم نادى الملك على خدمه قائلا حضروا للرجل غرفة وفراشا وأعطوه ثلاث وجبات مرق وأرز ليباشر مهمته ويهتم بالفرس. باشر الرجل عمله وبدأ يسوس الفرس وبعد عشرين يوما هرب الرجل خوفا من الملك فأمر الملك بإحضاره وسأله لماذا هربت؟ ربما قد وجدت عيبا في الفرس قال الرجل مولاي أعفني، قال الملك: أخبرني ماذا وجدت في الفرس وإلا أعدمك. فقال الرجل: إذا أعطني الأمان قال الملك: لك الأمان قال الرجل: هذه الفرس أصيلة وكل من أخبرك أنها رضعت من أمها فقد كذب عليك. حمل الملك سيفه لقطع رأس الرجل وقال له كيف تقول عن فرسي إنها لم ترضع من أمها، أمر خدمه برمي الرجل في السجن. وأرسل الملك في طلب الوزير الذي أهداه الفرس... سأله الملك قائلا: كيف تعطيني هذه الفرس وهي لم ترضع من أمها الأصيلة؟ قال الوزير: مولاي سامحني لقد ماتت أمها عند ولادتها ولم يكن لدي إلا بقرة واحدة فأرضعتها، أمر الملك بإخراج الرجل من السجن وقال له أخبرني كيف عرفت أن الفرس لم ترضع من أمها؟ قال الرجل: الفرس الأصيلة عادة تأكل في معلف أو تعليقه في رقبتها وهي مرفوعة الرأس أما فرسك يا مولاي فإنها تبحث عن الطعام على الأرض مثل البقر.. فقال الملك للخدم خذوا الرجل أعطوه دجاجا وأطعموه جيدا. الملكة ليست بنت ملوك وأمره الملك هذه المرة أن يسوس زوجته الملكة وقال سوف ألحقك بخدمتها! توسل الرجل: مولانا أعفني جزاك الله خيرا،، قال الملك: عليك تنفيذ أوامرنا ذهب أحد الخدم للملكة يخبرها أن خادما جديدا وسيكون نديما لها ومستشارا بأمر الملك ولتطلب منه قضاء حاجاتها. ... ثم بعد فترة من الزمن قال له: قل ماذا وجدت؟ فقال الرجل متوسلا أن يعفيه لكن الملك أصر ليعرف ماذا وجد في الملكة وأعطاه الأمان. قال الرجل: إنها تربية ملوك وشرف ملوك وأخلاق ملوك وكرم ملوك لكن من قال لك إنها بنت ملوك فقد كذب عليك. جن جنون الملك وقال له: كيف تقول زوجتي ليست بنت ملوك وأمر بسجنه وقطع الطعام عنه. وذهب إلى أم الملكة وأبيها وهو ملك بلدة مجاورة وشهر سيفه عليهما ليعرف قصة زوجته، فقصوا عليه قصة البنت: كانت ابنتنا لك وأنت لها وهذا كان اتفاقا بيني وبين أبيك الملك منذ كان عمرها سنتين وكان أبوك ملكا ظالما لكن أصابت ابنتنا الحصبة وماتت وفي هذا الوقت أمرنا أبوك بإجلاء الغجر عن المنطقة فطردناهم وحرقنا بيوتهم وخرجت لأرى ما حل بهم فوجدت هذه الطفلة عمرها عامان لوحدها قرب الوتد فأخذتها وربيتها رجع الملك لبلدته وأمر بجلب الرجل من سجنه وسأله كيف عرفت بسر زوجتي؟ قال الرجل: مولاي إن لها غمزة بعينها وهي من عادات الغجر يتغامزون عندما يتكلمون! فقال الملك هذا الرجل داهية ! أطعموه خروفا في الصبح وآخر عند الغداء وثالثا عند العشاء. الملك ليس ابن ملوك ثم أجلسه الملك عنده وطلب منه أن يسوسه هنا اضطربت فرائص السايس واحتار كيف يخلص من هذا المأزق وحاول وتوسل لكن لا فائدة فالملك مصر ليقوم الرجل بمهمته الجديدة. هرب الرجل من ليلته فجلبه وسأله عما عرفه عنه! قال السايس بعد الأمان له من قال لك إنك ابن ملك فقد كذب عليك، وقال له اذهب وابحث عن أصلك. فذهب الملك إلى أمه وقال لها: أنا ابن من؟؟ واصر عليها واستحلفها. فقالت له أمه: كان أبوك ظالما ولا ينجب يتزوج البنت وبعد تسعة أشهر إن لم تلد يذبحها وعلى هذا المنوال قضى على نصف بنات البلدة حتى وصل الأمر إليّ ماذا أفعل إما الولد أو الذبح وكان في القصر طباخ. فأنت ابنه! أتى الملك إلى السياسي وسأله كيف عرفتني؟؟ قال له: معروف أن الملوك تهب وتعطي ذهبا وفضة أما أنت تعطي مرقا وأرزا ولحما ودجاجا !! الذي يرافق الطباخ ماذا ينال منه عندما يرضى عليك يعطيك طعاما وعندما يغضب يقطع عنك الطعام. كسرة أخيرة عن عروة بن الزبير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تخيَّروا لنُطَفِكم”.