12 سبتمبر 2025

تسجيل

سر قوتهم

19 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن سر القوة الذى يكمن فى المحتوى الفكرى الغربى الذى هيمن على العقول فى العالم تقريبا هو تمسك أهل الغرب بالأصول الفكرية والفلسفية لأسلافهم التى انتجوها منذ فجر تاريخهم ، منذ العهد الإيلى والأيونى والإغريقى والهيللينيستى القديم مما أضفى على ذلك الفكر صبغة الأصالة والرسوخ وأكسبه مناعة فى ظاهره رغم كثير من خواء مخبره بمقاييس اليوم فى أغلب الأحيان. فرغم أن مسار تطور الفكر الغربى أثبت خطأ كثير من الأفكار التى كانت مقدسة فى نظرهم من سابق فلاسفتهم ولكن مع ذلك فهم يهتمون بها كإرث فكرى لهم له احترامه وله مكانته حتى اليوم فى منظومة واحدة وبناء قوى يصعب النَيْل منه أو تفاديه. فهم لا يزالون ينهلون منه ما استطاعوا ويفردون له مساحات فى ميادين الثقافة العامة من متاحف ومؤلفات وأعمال فنية وفى النظم التعليمية من رياض الأطفال إلى الأروقة الأكاديمية ويتناولونها بالتدقيق والتمحيص والتحليل وإعادة البناء. ونصبوا أصناما لمفكريهم القدماء فى الميادين والشوارع والمتاحف والكنائس وحتى القبور حثّا على ذكرهم وليس نبذهم وعلى احترامهم وليس بخسهم. ثم فُرِض علينا إرثهم الفكرى ذاك فى الشرق العربى الإسلامى فصارت هامات أرسطو وأفلاطون وهوبز وديكارت وسان سيمون ودوركايم و فيبر وديوى وغيرهم تُطاول - بل تتطاول على - هامات مفكرينا المسلمين كإبن حنبل وأبى حنيفة ومالك والشافعى والغزالى وابن تيمية وابن القيم وإقبال والمودودى وغيرهم. ولكن للأسف نرى هنا فى المقابل من ينادى حتى ببتر هذه الأصول بل يتمادى بعضهم بتقريع السلف الصالح. هنا تتجلى مصيبة وتبين مأساة. وعليه ، فالانطلاقة الإسلامية المنشودة يجب أن تبدأ – بما يجب لها أن تبدأ به – بأصول فكر الأمة بدءا بمفهوم أصل التوحيد ومعرفة الله ، فبدون هذا الأصل لا يستقيم شئ فى الحياة لا فكر ولا عمل ، وكذلك بأصل الوجود التاريخى لأمة الإسلام وبدايته الطبيعية انبثاقا عن ملة سيدنا إبراهيم والمعقولة عبر القرون آخذين خلالها كل ما اتصل بها – سلبا وإيجابا - من أفكار ، مراجعين ومصححين وحاضنين كل ما يقرب إليها. ودراسة كل ما نأى عنها وانحرف عن سبيلها. فمثل هذا المسار الفكرى يثرى العقل ويضئ النفس إذا ما لقى الانتباه والإخلاص له من كل الوجوه ويكون مرجعا وحصانة للمرء ضد كثير من محدثات الأمور ويمنح العقل الأهلية والقابلية والمقدرة على تصنيف أفكار الغير ونقدها ومعرفة صالحها من طالحها ويعطي العقل دفعة مقدرة في سبيل التجديد الحضاري.