11 سبتمبر 2025
تسجيللا يزال الحديث موصولا حول الأسباب التي تكون العجب وذكرنا فيما مضى أربعة أسباب:1- النشأة والتكوين.2- الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك.3- حبة نفر من ذوى الإعجاب بأنفسهم .4- الصدارة للعمل قبل النضج وكمال التربية.واليوم نقف عن السبب الخامس وهو: حب الصدارة للعمل قبل النضجقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس : حب الصدارة للعمل قبل النضج وكمال التربية : وقديما قالوا : ما فاز من تصدر قبل أن يتأهل .إن حب التصدر للعامل قبل أن يستوي عوده، وقبل أن تكتمل شخصيته يجعله عرضة للآفات ومرتعا خصبا يتعاور الشيطان عليه كل آن ، وقد يلقي في روعه أنه لهذا التصدر ، وقد يدفعه ذلك إلى ازدراء العاملين معه في الحقل الدعوي ممن هم أفهم منه وأعلى قدرا . للأسف فإن الذي يسيرون متصدري القافلة دون تأهيل؛ تنطلي عليهم لجهلهم بمكائد الشيطان وحيله مثل هذا الإلقاء فيصورونه حقيقة ويرفعون من قدر نفوسهم فوق ما تستحق حتى يكون الإعجاب بها والعياذ بالله.ولعل هذا هو السر في حرص الإسلام على الفقه، وعلى أن يكون هذا الفقه قبلالصدارة أو القيادة إذ يقول الله تعالى :{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون }.{ يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا }. وإذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم -:( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )وإذ يقول عمر رضى الله تعالى عنه -:(( تفقهوا قبيل تسودوا )) يعنى : تعلموا العلم قبل أن تصيروا سادة أو أصحاب مسئولية لتدركوا ما في السيادة أو ما في المسئولية من آفات فتتقوها .وأما السبب السادس من أسباب العجب فهو: الغفلة أو الجهل بحقيقة النفس : ذلك أن الإنسان إذا غفل أو جهل حقيقة نفسه ، وأنها من ماء مهين خرج من مخرج البول ، وأن النقص دائما طبيعتها وسمتها ، وأن مردها أن تلقى في التراب ، فتصير جيفة منتنة ، تنفر من رائحتها جميع الكائنات ، إذا غفل الإنسان أو جهل ذلك كله ربما خطر بباله أنه شئ ، ويقوى الشيطان فيه هذا الخاطر حتى يصير معجبا بنفسه . ولعل هذا هو السر في حديث القرآن و السنة المتكرر عن حقيقة النفس الإنسانية بداية ونهاية.