29 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); للقيادة في كل عمل من الأعمال دور رائد، وحظ عظيم، ومكانة عليَّة، ولولا القيادة وما تحيط به أعمالها من جهود لما غدا بيننا إنجاز ولا راح!والعمل الإسلامي - بمختلف ضروبه وأشكاله- ليس بدعا في افتقاره إلى القيادات التي تنطلق به، وتمهد له السبيل. وإن من فضل الله علينا وعلى الناس أن حفلت مسيرة الدعوة الإسلامية بقيادات موهوبة جددت شباب الإسلام، وأحيت معالم الدين، وضحت في سبيل هذه الغاية بالغالي والرخيص. وهذا الثناء الذي نشهد به على دور تلك القيادات الإسلامية المباركة ليس منّة نتفضّل بها عليهم، ولكنه دَيْن مُستحق، وإقرار بواقع مشهود. ولا شك أنّ الاعتراف بدور القيادات الإسلامية وفضلها في الدعوة، والانتصار للدين، لا يعني بحال أن ما تحقق على يد هذه القيادات من أعمال مشهودة كان بفضل جهودها وذكائها وحدها، - كما يحاول بعض الناس أن يصور لنا- والحقيقة أن كل إنجاز نسبه الناس إلى فلان وفلان من الأعلام المعروفين، والقادة البارزين، كان خلفه رجال من أغمار الناس، إذا غابوا لم يُفْقَدوا، وإذا حضروا لم يُذْكَروا، ومع ذلك كله ما انقطع لهم عطاء، ولا كلّت لهم عزائم، وقد عرفتهمالساحات بجهادهم المبرور، وبذلهم المشكور، وما ضرهم أن لا يذكرهم الناس إذا كانوا عند الله من المذكورين!لقد اعتاد موثِّقو التجارب أن يثبتوا جهود الشخصيات اللامعة، ويحتكروا فيها كافة الإنجازات صغيرها وكبيرها، وهذا سلوك لا يمُتّ إلى الحقيقة أو العلمية بصلة، وكان حقا على كُتّاب التاريخ والسِّيَر أن يُولوا الفئات التي لا يذكرها الناس فضل عنايتهم، وأن ينقبوا عن الباذلين الذين يعيشون في كهوف الجهاد الصامت ليعرِّفوا بفضلهم الناس. وشهادة القيادات التي تنسب إليها الإنجازات مطلوبة في هذا الشأن،لأن هذه القيادات تعلم قبل غيرها أنها لم تصنع نفسها، ولم تنهض وحدها، فلماذا لا تتواضع القيادات فتكتب عن سيرة رجال كثيرين كانوا حولها، ووقفوا معها في زمان عزّ فيه النصير؟جاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر معركة من المعارك فلما انتهت بالنصر قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه هل تفقدون من أحد فقالوا نعم نفقد فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال صلى الله عليه وسلم هل من أحد قالوا نعم نفقد فلانا وفلانا وفلانا، ثم قال صلى الله عليه وسلم هل تفقدون من أحد قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أفقد جليبيبا. وجليبيب هذا كان رجلا من عامة الناس وفقرائهم ولكنه فارس من فرسان الإسلام العظام.فهل يعي أبناء العمل الإسلامي هذا الدرس النبوي البليغ فيبحثوا عن أمثال جليبيب الذين يعيش كثير منهم اليوم في ظروف قاسية دون أن يصلهم بمعروف من صعد إلى المجد على أكتافهم، ومن المعروف الاعتراف بالفضل والثناء على من عُرِف به.