10 سبتمبر 2025

تسجيل

الدولة العميقة.. رأس حربة انحياز أمريكا لإسرائيل!

19 مايو 2024

علقت الأسبوع الماضي في مقالي: «حرب غزة وتصعيد وتهديد بايدن ضد إسرائيل ظاهرة عابرة» بتأكيد لا يملك أي حليف للولايات المتحدة ترف إحراجها والاختلاف معها وتحدي ورفض مطالبها علنا ويتسبب بانقسامات حادة في أمريكا وينجو بفعلته! وبدل انتقاد النواب وأعضاء مجلس الشيوخ تمرد نتنياهو وعصابته على رئيسهم من دولة وظيفية تعيش على دعم وتمويل وتوفير الغطاء السياسي لبقاء وارتكاب جرائم حرب، كما نشهد في غزة، وبات نهجاً! نجد في حالة شاذة واستثنائية، نواب وأعضاء مجلس شيوخ وجنرالات حاليين ومتقاعدين، وباحثين ومراكز دراسات ووسائل إعلام يبررون ويدافعون عن جرائم حرب إسرائيل، بدلاً من انتقاد جرائمها، والاصطفاف مع رئيسهم وإدارته! برغم مئات التظاهرات واحتجاجات الطلبة في عشرات الجامعات الأمريكية! بالمقارنة وتاريخيا لا يجرؤ حلفاء الولايات المتحدة الإستراتيجيون من بين حلفائها في أوروبا ودول حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وفي شرق آسيا-واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والجيران-كندا والمكسيك-يمكنه تحدي وإحراج العم سام-لدرجة الرفض بل والتهكم العلني على الرئيس بايدن دون خشية قادتها من ردود أفعال الحليف الأهم والأقوى باستثناء إسرائيل. وصل حتى لتلميح نتنياهو بعد تعليق الرئيس بايدن حزمة أسلحة للمرة الأولى قبل أسبوعين-وذلك بعد اعتراف الرئيس بايدن ولأول مرة أن نوعية السلاح والذخائر تلك زنة القنبلة الواحدة منها 2000 رطل-حوالي 900 كلغ وقتلت مئات الأشخاص ودمرت أحياء كاملة في مخيم جباليا قبل أشهر وحتى أمريكا لا تستخدمها في مناطق سكنية!. ووصل انحياز النظام السياسي الأمريكي لإسرائيل، باتهام نواب في الكونغرس بما فيهم رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون-الرئيس بايدن بخيانة إسرائيل- وصوّت الجمهوريون قبل أيام بأغلبية 224-187(بينهم 16 نائبا ديمقراطيا) على مشروع قانون يجبر الرئيس بايدن على إرسال شحنات أسلحة إلى إسرائيل، ومع توجيه اللوم للرئيس بايدن لتأخيره إرسال شحنات قنابل، كورقة ضغط على إسرائيل لتأخير شن هجوم عسكري على رفح قبل تأمين المدنيين! يتوقع أن يُفشِل مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون مشروع القرار. وحتى إذا تم تمريره، توعد الرئيس بايدن باستخدام حق الفيتو. الصادم وفي موقف منحاز ومستفز ومحرج للحلفاء-تباري المسؤولين الحاليين والسابقين بعد ثمانية أشهر من حرب إبادة إسرائيل على غزة، بالدفاع وتبرير الحرب. وآخرهم الجنرال مايك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكي السابق، والسناتور الجمهوري غراهام اللذان بررا قتل إسرائيل 35 ألف فلسطيني بأنه حتى أمريكا ارتكبت جرائم واستخدمت النووي في حروبها!. وذلك برغم سيطرة القضية الفلسطينية وحرب إسرائيل على غزة على محاور ومناقشات القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين. وإدانة القمة حرب إسرائيل على غزة وطالبت بوقف فوري للحرب وإغاثة السكان ورفض التهجير ورفض عملية عسكرية على رفح. ونشر قوات دولية في «الأراضي الفلسطينية المحتلة» حتى تنفيذ حل الدولتين. والدعوة لمؤتمر دولي للدفع بحل الدولتين والاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة. برغم الخلاف والتباين الظاهر بين بايدن ونتنياهو على مسار حرب الإبادة ونتائجها واليوم التالي بعد نهاية الحرب، وحول اجتياح رفح قبل توفير ملاذ آمن لمليون ونصف نازح من المدنيين المتكدسين في رفح جنوب القطاع على حدود مصر، لكن قوات الاحتلال طلبت من النازحين، النزوح مجدداً وربما للمرة الخامسة برغم ادعائها أن المنطقة آمنة قبل سبعة أشهر. ومنذ 6 مايو الجاري أُجبر أكثر من 650 ألف مدني على النزوح من رفح باتجاه دير البلح وغيرها. أمريكا بدولتها العميقة ومؤسساتها ووزراتي الدفاع والخارجية ومجلس الأمن الوطني والرئيس بايدن ومستشاريه يريدون حربا محدودة واجتياحا بريا لرفح «نظيفا وسريعا» يفكك ويهزم كتائب حماس المختبئة ويفرج عن المحتجزين، ولا يسقط ضحايا كثرا ولا يفضح ويعمق شراكة أمريكا بالدم والقتل وحرب الإبادة، طبعا وهذا خيال لا يسند الواقع. ويتزامن ذلك كله مع إنهاء الجيش الأمريكي بناء رصيف عائم وبدء تفريغ السفن حمولتها في ميناء غزة المؤقت لإدخال المساعدات الغذائية والمؤن. أمر مستغرب لأن الأسهل ممارسة الضغط الأقصى على إسرائيل لإدخال المساعدات عبر معبر رفح، حيث تمنع إسرائيل دخول مئات الشاحنات المكدسة من الدخول. كما توفر الولايات المتحدة الغطاء السياسي منذ عقود لحماية الاحتلال الإسرائيلي وحرب إبادتها على غزة. وفي موقف مسيس ومستفز تخالف الولايات المتحدة على تحدي الإجماع الدولي بإساءة استخدام الفيتو. استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو 44 مرة من 84 مرة لحماية ومنع إدانة وفرض عقوبات على إسرائيل. وآخره رفض وقف حرب غزة، والفيتو الأخير قبل شهر في استفزاز لإجماع دول العالم في مجلس الأمن بإسقاط مشروع قرار يمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وينهي وضع فلسطين الحالي عضو مراقب. صوّت على مشروع القرار 12 من 15 دولة ومعهم روسيا والصين وفرنسا، بينما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، وانفردت الولايات المتحدة كعادتها بإجهاض مشروع القرار باستخدام الفيتو مجدداً. ردت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصويت أكثر من ثلثي الأعضاء في الأمم المتحدة، وصل إلى 143 دولة الأسبوع الماضي مطالبين مجلس الأمن بإعادة التصويت في مجلس الأمن على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة لأن فلسطين مستوفية جميع الشروط لعضوية كاملة في الأمم المتحدة وبما يتفق مع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة. اللافت امتناع 25 دولة عن التصويت، والأهم عارضت مشروع القرار كالعادة 9 دول في سجل العار، على رأسها إسرائيل والولايات المتحدة والأرجنتين وتشيكيا والباقي جزر موز متناثرة في المحيط الهادئ تعيش على الدعم الأمريكي. وهكذا يستمر اصطفاف وتوفير الدولة العميقة الأمريكية الغطاء وجميع أشكال الدعم والشراكة لإسرائيل، مضحية بقيمها، ومحرجة ومستفزة لحلفائها في المنطقة وخارجها.