10 سبتمبر 2025

تسجيل

الايمان بالآخرة أهم مصادر قوة القيادة: رؤية للمستقبل

19 مايو 2024

إنهم يشنون هجوما شرسا يستهدف دفعك للشك في الآخرة، لتفقد أهم مؤهلاتك لقيادة الشعوب، وتحقيق الانتصارات، وبناء مشروع حضاري جديد يحرر البشرية من العبودية للمادية والرأسمالية والاستعمار القديم والجديد. لكن ما هذا الكلام الغريب؟، وما علاقة الايمان بالآخرة بالقيادة وبناء المستقبل؟! انهم يعملون لخداعك بأن الغرب حقق التقدم عندما تخلى عن الدين، وركز على الدنيا، وطور العلوم على أساس التجربة، والمعرفة التي يمكن الحصول عليها عن طريق الحواس، وتطوير مقاييس مادية للنجاح والانجاز. يقولون لك انظر كيف تمكن الغرب من اختراع السيارات والطائرات والأسلحة، وبنى ناطحات السحاب، بينما أنت تحلم بالجنة، وتحرم نفسك من أجلها من متع الحياة الدنيا، وتغض بصرك، فتصاب بالأمراض النفسية الناتجة عن الكبت. هكذا تستهدف دعايتهم عقلك، وتثير شكوكك، وتقهر نفسك، فتشعر بعجزك، وتفقد الثقة في ذاتك، وهم يحاصرونك كل يوم عبر وسائل الاعلام التي تسيطر عليها السلطات التابعة للغرب. يقولون لك إن من يريد الآخرة عليه أن ينعزل عن الدنيا، ويهجر السياسة والعلوم الحديثة، ونجحوا بذلك في خداع الشعوب وتغييب وعيها. لكن هل يمكن أن تفكر معي لماذا أطلقوا الآن أتباعهم لإثارة الشكوك في الآخرة؟. سأحاول أن أقدم لك إجابة جديدة. إن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم تعلقت قلوبهم بالآخرة، فانطلقوا ليحرروا البشرية من ظلم الامبراطوريتين الفارسية والرومانية، ليكون الناس عبادا لله وحده، يعبدون الله كما أراد الله سبحانه أن يعبد في الأرض. هؤلاء الفرسان المسلمون شحذ الايمان بالآخرة عزيمتهم وأضاء بصيرتهم، فتمكنوا من تحديد أهداف حياتهم، وعملوا لبناء حضارة ينعم في ظلها الانسان بالعدل والحرية. لو درسنا تاريخ الاسلام لاكتشفنا أن الايمان بالآخرة دفع هؤلاء المسلمين للبحث العلمي، وتطوير المنهج التجريبي، وتطوير الصناعة والتجارة وبناء المدن والمستشفيات، ومحاربة الفقر، فتمكن الناس من أن يحققوا لأنفسهم حياة طيبة يتمتعون فيها بنعم الله سبحانه وتعالي باعتدال ودون إسراف أو تقتير أو تبذير. الايمان بالآخرة شحذ همم الناس، وجعلهم يدركون أن المعرفة هي أهم ثروة يمكن أن يحصل عليها الانسان، وكل انسان يستطيع أن يتمتع بحقه في الحصول على المعرفة ونقلها للآخرين، لذلك تحول المسلمون إلى قادة للأمم ينشرون المعرفة الاسلامية التي أنعم الله بها عليهم. والآن تشتد حاجة البشرية لهذه المعرفة بعد أن أغرقها الغرب في المادية واشباع الشهوات، وأصبح كل انسان يحتاج إلى إجابة عن سؤال مهم: هو ماذا بعد الموت؟ وهل الموت هونهاية الحياة؟. الإسلام وحده هو الذي يقدم لك اجابة واضحة على هذا السؤال، وهذه الاجابة تطلق أشواق القلب لرضاء الله وجنته، وتسهم في زيادة قدرته على تحديد أهداف حياته، ورؤيته للكون. لذلك يدفع الايمان بالآخرة الانسان؛ للانطلاق في الحياة؛ ليعمرها عبادة لله، ولينشر المعرفة ليضيء بها للناس حياتهم، والمعرفة بالله أعظم نعمة يحصل عليها الانسان. لكي يقوم المسلم بدور تاريخي جديد في بناء مجتمع المعرفة يجب أن ينطلق من ايمانه بالآخرة، فالحياة رحلة يجب أن يعمل الانسان فيها ليفوز برضاء الله وجنته. لكن ما علاقة ذلك بالقيادة؟ من أهم مؤهلات القيادة الأصيلة القائمة على المبادئ أن يقدم الإنسان التضحيات لتحقيق أهداف عظيمة. لكن لماذا أقدم التضحيات، ولماذا أعمل دون الحصول علي ثمن أو أجر؟ الفارس المسلم الذي انطلق من جزيرة العرب ينقل المعرفة الاسلامية للبشر، ويقاتل لتحريرهم يؤمن بيقين أنه سيفوز بالنصر، وهو يستخدم كل طاقاته وفكره وخياله ليحرر البشر من الطغيان، فإن فاز بالشهادة فما عند الله خير وفي الجنة من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. لذلك حرر الايمان بالآخرة قلوب القادة المسلمين من الخوف، فهم لا يخافون إلا من الله وحده، ويتطلعون إلى رضاء الله وجنته. ولكي تكون قائدا يجب أن يضيء إيمانك بالآخرة طريقك، ويسهم في بناء رؤيتك وتحديد أهدافك. والناس يحتاجون الآن لدورك في تحريرهم من المادية والجهل والزيف والعبودية للدنيا وللطواغيت وللاستعمار القديم والجديد ليكونوا عبادا لله وحده.