03 أكتوبر 2025

تسجيل

حول نتائج الاقتصاد الإماراتي

19 مايو 2013

يعيش اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة ظروفا اقتصادية إيجابية في الفترة الحالية، كما يتجلى ذلك من الأداء النوعي في العديد من المؤشرات الدولية. بادئ الأمر، يتوقع أن تقترب قيمة الناتج المحلي الإجمالي للإمارات بالأسعار الجارية من حاجز 400 مليار دولار مع نهاية العام 2013. ومن شأن هذا التطور، وهو متوقع في كل الأحوال، تعزيز مكانة الإمارات كثاني أكبر اقتصاد بين الدول العربية بعد السعودية. وكان الاقتصاد الإماراتي قد نجح قبل عدة سنوات في أخذ مكان مصر كثاني أكبر اقتصاد عربي بالأسعار الجارية أو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. فحسب أحدث الإحصاءات الدولية المتوافرة، يأتي ترتيب اقتصاديات السعودية والإمارات ومصر في المراتب 20 و30 و42 على التوالي عند احتساب الناتج المحلي الاسمي. لكن ما زالت الدراسات الدولية تشير لمصر كصاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي بأسعار القيمة الشرائية بالنظر لتبيان الأسعار وما يمكن للدولار الأمريكي الواحد على سبيل المثال من تحقيقه في كل من الإمارات ومصر. وفيما يخص النمو الاقتصادي، جاء في تقرير حديث لمعهد التمويل الدولي ومقره واشنطن عن إمكانية تسجيل اقتصاد الإمارات نموا قدره 3.6 في المائة في 2013. مؤكدا، تقل هذه النسبة عن 4.8 في المائة للعام 2012 لكنها تبقى مميزة في الظروف الاقتصادية السائدة في العالم في الوقت الحاضر عبر النظر لما يحدث في دول منطقة اليورو. ومما يعزز الازدهار الاقتصادي تحققه في شبه غياب لشبح التضخم، تقل نسبة التضخم عن 3 في المائة في أسوأ الأحوال. بالعودة للوراء، كان التضخم أمرا مقلقا في العام 2007 في ظل ثنائي تراجع قيمة الدولار وهي العملة المستخدمة لتسعير النفط من جهة وارتفاع قيم الواردات من المنتجات الغذائية من جهة أخرى. وكرد فعل، تم تدشين مشاريع لاستملاك أراض زراعية في بعض الدول الآسيوية على وجه الخصوص مثل باكستان وتايلند والفلبين. من جملة الأمور الأخرى الملفتة في هذا الصدد نجاح إمارة دبي على وجه التحديد في فرض نفسها كخيار إستراتيجي للمستثمرين والسياح في أعقاب الربيع العربي. والإشارة هنا إلى حدوث قلاقل وحالات من عدم الاستقرار بين الحين والآخر في بعض دول الربيع العربي مثل مصر. وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى اضطرار المسؤولين في بعض المجمعات التجارية في دبي إلى غلق الأبواب أمام بعض الزوار بسبب معضلة الازدحام فوق الطاقة الاستيعابية خلال موسم عيد الأضحى. وللتدليل على هذا القول، حققت الإمارات المرتبة رقم 28 دوليا، أي الأفضل بلا منازع بين الدول العربية على مؤشر التنافسية للسفر والسياحة 2013. وأكد التقرير أن القيمة المالية لقطاع السفر والسياحة في الإمارات في حدود 50 مليار دولار ما يعني 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في الوقت الحاضر. وتبين حديثا نجاح طيران الإمارات في تسجيل صافي أرباح قدرها 622 مليون دولار في العام 2012 بزيادة 52 في المائة على 2011 ما يعد إنجازا. وقد تمكنت الإمارات من تحقيق هذه النتائج على خلفية تنفيذ برنامج تضمن تعزيز الأسطول بالطائرات الضخة وتوسعة الشبك عبر فتح وجهات جديدة أو إضافة رحلات أخرى لبعض المدن مثل بانكوك. حقيقة القول، يعتبر طيران الإمارات أكبر مستخدم تجاري لطائرات إيرباص 380 العملاقة. وجاء في مقال نشر حديثا في صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية لعب طيران الإمارات دور القيادة في فرض دبي وجهة سياسية على مستوى العالم. ويذهب كاتب المقال، وهو محق في ذلك، للقول بأن طيران الإمارات مارس دورا محوريا في مساعدة دبي بالتكيف مع أزمة المديونية التي عصفت بها في 2009. بل تشير الأدلة إلى نجاح طيران الإمارات في استقطاب زبائن على حساب بعض الوجهات الدولية المعروفة مثل لندن وفرانكفورت وسنغافورة. حديثا فقط، دشنت الإمارات تحالفا إستراتيجيا مع طيران كوانتوس الأسترالية لمدة 10 سنوات. وبموجب الاتفاقية، قررت كوانتوس تحويل مقرها الثانوي لرحلاتها الدولية من سنغافورة إلى دبي. حقيقة القول، يقف الاقتصاد الإماراتي على أرضية صلبة مثل توافر قيم مالية ضخمة فيما يخص الصندوق السيادي للدولة. فحسب إحصاءات شهر مارس من العام الجاري، تبلغ قيمة الصندوق السيادي للإمارات بقيادة صندوق أبو ظبي نحو 815 مليار دولار على أقل تقدير. يعتبر هذا الرقم كبيرا كونه يشكل 15 في المائة من مجموع قيم الصناديق السيادية في العالم وذلك حسب أرقام معهد الصناديق السيادية والذي يعد مرجعا في هذا المجال. الأمر الآخر عبارة عن قدرة الإمارات بشكل عام وأبو ظبي بشكل خاص في الحصول على تصنيف مالي عال من مستوى أي مكرر وبالتالي درجة استثمارية. ويلاحظ وجود عامل مشترك بين وكالات التصنيف الدولية مثل أي ستندارد أند بور وفيتش بالنسبة لأبو ظبي وموديز فيما الإمارات في المجموع عبر منح ملاءة مالية راقية. من جهة أخرى، لا يمكن التغافل عن بعض التحديات التي تواجه الاقتصاد الإماراتي، حيث الدور المبالغ فيه للقطاع النفطي. باختصار، يلعب القطاع النفطي دورا جوهريا فيما يخص نتائج المؤشرات الاقتصادية في الإمارات، حيث يساهم بنحو ثلاثة أرباع كل من دخل الخزانة والصادرات. كما تعتبر الإيرادات النفطية المساهم الأول بلا منازع فيما يخص تمويل مصروفات الدولة والتي بدورها تعبر عن التوجهات الاقتصادية للدولة. أيضا يساهم القطاع النفطي بنحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، ما يعني أن ديمومة الاقتصاد الإماراتي، وخصوصا أبو ظبي، تقع تحت رحمة تطورات سوق النفط العالمية لحد كبير وهو أمر غير محبب. مهما يكن من أمر، يعيش الاقتصاد الإماراتي فترة قطف الثمار نتيجة تبني سياسات اقتصادية عصرية. بل يمكن الزعم بأن اقتصاد دولة الإمارات يعيش عصره الذهبي.