12 سبتمبر 2025

تسجيل

نساء غيرن التاريخ

19 مايو 2011

لقد سجل التاريخ بمداد من نور ونار قصص الكثير من النساء اللواتي كانت كل واحدة منهن بأمة كاملة، فقد ثبتت أم المؤمنين خديجة رضي الله دعوة الإسلام حين ساندت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وقاتلت نسيبة بنت كعب ودافعت عن رسول الله بنفسها وبزوجها وأبنائها حتى التفت إليها نبي الله وقال لها "ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة". وحكمت نساء حتى غيرن ممالك عظيمة، وسطرن بذكائهن وعطائهن أروع قصص البطولة والذكاء.. وقرأنا كيف ألقت فتاة بضفائرها لخطيب المسجد الأموي فقالت له إجعل منه لجاماً لخيلكم حتى تقاتلوا بها وتحرروا فلسطين من براثن الصليبية، فقام سبط إبن الجوزي خطيب المسجد وخطب خطبة من نار ألهبت حروفها مشاعر المصلين، حتى وصل لتلك المقولة "هذه والله ضفائر المحجبات التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله، فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها بها، فخذوها واجعلوها ذوائب لكم وضفائر، إنها من شعور النساء، ألم يبق فى نفوسكم شعور ؟!!!، وألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس، وصرخ: تصدعي أيتها القبة، ميدي يا عُمُدَ المسجد، انقضي يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم فصاح الناس صيحة ما سُمِعَ مثلها، ووثبوا يطلبون الموت". وهاهو التاريخ يعيد نفسه، لنرى المرأة الفلسطينية تقاتل دون أرضها وعرضها ودينها وأبنائها، تقاتل دون خوف من القتل أو الأسر، فلطالما كانت شقيقة الرجال في الإنتفاضة وفي المعتقلات ولكنها لم تتردد يوماً لأن تكون جزءاً من منظومة الجهاد الباسل على أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وفي تونس رأينا كيف كانت النساء تسير في الشوارع مع الرجال غير آبهات لما يتعرضن له من قمع وتنكيل، رأينا تلك الصور لنساء كن يسقطن على الأرض ويتعرضن للضرب وسرعان مايقفن مرة أخرى ليكملن المسير والهتاف ومساندة الثوار من أجل الحصول على الحرية المنشودة. وعلى أرض الكنانة رأينا كيف صنعت الثورة بسواعد رجالها ونسائها على حد سواء، فكانت النساء في الميدان شقائق الرجال، رأينا تلك المشاهد التي تبكي العيون وتدمي القلوب من شجاعة فتيات مصر وهن يهتفن ويداوين الجرحى، ويوزعن الطعام على الثوار، ويصنعن من ضعفهن الأنثوي حاجز قوة لايسمح ليد النظام العاتية بإختراقه. حتى تحقق لشعب مصر ماأراد.. وبالأمس بث التلفاز تصويراً لتلك المرأة العجوز الليبية التي تصنع الطعام بكميات كبيرة للثوار، وتعد لهم مايطلبونه من الشاي والماء وغيره، فإذا حان وقت الوجبات، توجه الثوار لبيتها وإفترشوا الأرض، وتزودوا بالطعام والشراب ثم غادروا لمواصلة ثورتهم.. فلله در هذه العجوز التي نذرت نفسها لله عزوجل ولخدمة أبناء بلدها من أجل الوصول لغايتهم ورفع راية الحرية على ذرى أرضهم.. ولله در كل إمرأة جعلت من نفسها وقوداً للمعركة من أجل نصرة دينها ووطنها وحرية شعبها... ولله در كل إمرأة جعلت من ضعفها قصة لقوة غيرت مسار التاريخ.. فهذه هي المرأة الحقيقية.