10 سبتمبر 2025
تسجيلقد يُعجب البعض من العنوان الذي ترأس المقال، ولكن هذا واقع الأمر، فتلك حقوق للعباد، وإن الله عز وجل من عدله عز في جلاله جعلها تعود لأصحابها، فهو سبحانه عادلٌ ولا يُظلم عنده أحد ولو بمقدار ذرة. فالحقوق الشرعية والتي هي من حقوق الله عز وجل على عباده بإتباع ما حلل الله عز وجل لهم والابتعاد عن نواهيه وما حرم تعالى ما هي إلا مصلحة تامة للعباد وهي خيرٌ لهم لو يعلمون ومنها ما يؤجرون عليه ومنها ما يأثمون عليه. فمن أخطأ وارتكب معصية فإن الله عز وجل رحيمٌ بعباده ويغفر لمن يشاء ولا تُقفل أبوابه عز وجل عن عباده العائدين عن الذنب التائبين منه والمستغفرين، فرحمته سبحانه تسبق عذابه. ولكن هناك من الذنوب التي لا يغفرها الله عز وجل وجعل من عدله سبحانه العفو عنها لدى البشر، وهي المظالم، وأحد أنواع تلك المظالم هو من يستدين من الغير ومن ثم يعدو بعيداً ويتوارى عن الأنظار مراوغاً ويماطل في إرجاع الدين ويتحايل حتى لا يُعيد ذلك الدين!. ويظن هؤلاء أن هذا الأمر يُعد من الذكاء وتفرح بها أنفسهم المريضة، فهم يظنون أنهم يحسنون صُنعاً وأنهم غنموا ربحاً لم يبذلوا فيه جُهداً بل وحصدوه بكل سهولة في أخذ «قرض» وثم التقاعس عن الدفع وجعل «الضامن» يتحمل العبء أو يتم أخذ قرض حسن من أحد الأشخاص مع تقديم الوعد بإعادة الدين ولا يتم ذلك!. فكم من دائن أصبح مهرولاً هُنا وهُناك لاسترداد حقه من المدين الذي يُماطل والذي قد ينكر حتى وجود حق للدائن!. ويقع الكثير من الأشخاص في خطأ وبحسن نية وثقة فيمن يقترض منهم بأنهم لم يوثقوا ذلك الدين بورقة رسمية أو بوجود شهودٍ على ذلك الدين أو استلام وصل لضمان الحق، وأحياناً يكون الخجل حاضراً لطلب الضمان، وبهذا تضيع الكثير من الحقوق مع أن الشرع حرص لعدم ضياع الحقوق على أن تكتب تلك الديون لضمان الحق. إن المدين المخادع والسارق لحقوق العباد لو علم وبال أمره من عدم إعادة الدين لما قام بعمله ذلك لو كان يؤمن باليوم الآخر، فعن محمد بن جحش رضي الله عنه قال: (كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء، ثم وضع راحته على جبهته ثم قال: سبحان الله! ماذا نزل من التشديد؟ فسكتنا وفزعنا، فلما كان من الغد سألته: يا رسول الله، ما هذا التشديد الذي نزل؟ فقال: والذي نفسي بيده، لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم أحيي، ثم قتل، ثم أحيي، ثم قتل، وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه). وقال عليه أفضل الصلاة والسلام «الدين دينان: فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات وهو لا ينوي قضاءه فذاك الذي يؤخذ من حسناته، ليس يومئذ دينار ولا درهم». فالشأن عظيم، فوبال هذا الأمر ليس فقط أثره في الدنيا من ابتلاء في الصحة، الزوج، الأولاد وعدم استجابة الدعاء والكثير مما نعلم ومما لا نعلم وعلمها ليس إلا عند الله عز وجل بل سيبقى وبال هذا الأمر وينتقل إلى حساب الآخرة هذا والله تعالى أعلم. أخيراً إن لقمة الحلال وإن قلت فهي خيرٌ وبركة وصحة للأبدان وحفظٌ للإنسان وفوزٌ بإذن الله، وإن لقمة الحرام وإن كانت كالجبال فهي ليست إلا سحتٌ ونارٌ تملأ البطون وعاقبتها أكبر بكثير من لذتها الوقتية.