03 نوفمبر 2025

تسجيل

دول الخليج ومؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية

19 أبريل 2015

للأسف، حصل تراجع بالنسبة لترتيب غالبية دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية لعام 2015. يشكل المؤشر جزءا جوهريا من التقرير العالمي لتقنية المعلومات والذي صدر في نسخته رقم 14 قبل أيام بواسطة المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا وبدعم من أطراف مساندة أخرى. يعتبر التراجع أمرا سلبيا بالنسبة لقطاع يتميز بسرعة التغيير ويستقطب استثمارات من القطاعين العام والخاص. كما يعكس ما حدث مدى تقدير مختلف دول العالم لدور قطاع التقنية والاتصالات، لما لذلك من أهمية وتأثير على مختلف القطاعات الاقتصادية. يؤثر قطاع التقنية على أداء قطاعات أخرى، مثل الخدمات الحكومية والصيرفة. في المحصلة، نجحت الإمارات في تحسين ترتيبها مرتبة واحدة وصولا للمرتبة رقم 23 عالميا، وهذه هي المرة الثانية على التوالي التي تنجح فيها الإمارات في تعزيز ترتيبها بنفس المستوى على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية. يعتبر ترتيب الإمارات الأفضل بين الدول العربية قاطبة، لكن يتأخر هذا الترتيب مقارنة مع أداء دول أخرى من قارة آسيا والتي تقع فيها دول مجلس التعاون. فقد حظيت كل من سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وتايوان بمراتب أفضل. اللافت بالنسبة لتقرير 2015 نجاح سنغافورة في تحقيق أفضل ترتيب على مستوى العالم، متخطية فنلندا والتي بدورها حلت في المرتبة الثانية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قدرة قارة آسيا على تحقيق نتائج نوعية على مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية والذي يعد مرجعا حيويا فيما يخص انتشار تقنية المعلومات. وفيما يخص ترتيب بقية دول مجلس التعاون، فقد حلت قطر في المرتبة رقم 27 عالميا، أي ثاني أفضل أداء بين الدول العربية. وجاء ترتيب البحرين في المرتبة رقم 30 دوليا، ما يعني حلول ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون ضمن قائمة أفضل 30 أداء من بين 143 بلدا ما يعد إنجازا. مما لا شك فيه، يعد ترتيب الإمارات وقطر والبحرين أفضل من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا. حقيقة القول، بات استخدام التقنية شائعا في دول مجلس التعاون لإنهاء بعض المعاملات الرسمية، مثل دفع الفواتير والرسوم، كما تنتشر في دول مجلس التعاون ظاهرة استخدام البطاقات لدفع أمور بسيطة مثل شراء القهوة من محلات مثل ستاربكس وكوستا. تعتبر إمارة دبي رائدة في مجال توظيف التقنية لإنهاء مختلف المعاملات الرسمية. وليس من المستبعد تعزيز انتشار التقنية في إطار استعداد دبي لاستضافة إكسبو 2020. كما يتوقع أن تنجح قطر في تحقيق تطوير مستمر للتقنية في إطار استعداداتها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم للعام 2022 وذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.يتميز التقرير بالشمولية، حيث يعتمد على عشرات المتغيرات واستطلاع آراء أكثر من 15 ألفا من المديرين التنفيذيين بخصوص أمور مثل مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات مثل الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر الشخصية فضلا عن النظر لبيئة الأعمال مثل التشريعات والبنية التحتية. يوفر التقرير الأخير تصنيفا إلى 143 بلدا في العالم والتي تشكل فيما بينها نحو 98 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي وبالتالي السواد الأعظم من دول العالم.يستند مؤشر جاهزية الشبكات الإلكترونية على أداء الدول على أربعة مؤشرات فرعية على النحو التالي، 1) البيئة السياسية والتجارية 2) الجهوزية بالنسبة لمدى توافر البنية التحتية والكلفة والمهارات 3) مدى انتشار واستخدام تقنية المعلومات في أوساط عامة الناس والمؤسسات التجارية والدوائر الرسمية 4) التأثير الكلي لتقنية المعلومات على الاقتصاد والوضع الاجتماعي. بالتمعن بصورة دقيقة، تلاحظ قدرة الإمارات على تحقيق نتائج طيبة بالنسبة لبعض المعايير الفرعية فيما يخص الاستفادة من تقنية المعلومات، حيث حصلت على المرتبة الثانية على مستوى العالم بالنسبة لمتغيري الاستخدام الحكومي والتأثير الاجتماعي. طبعا، تعتبر هذه الحقيقة حيوية ودليلا على المستوى الرسمي والشعبي للتقنية. لكن تتأخر الإمارات بالنسبة لكلفة التقنية بحلولها في المرتبة 114 من بين 143 بلدا، ويبدو هذا واضحا لزوار دبي على سبيل المثال، حيث المطلوب منهم دفع رسوم مرتفعة للحصول على خط التليفون النقال. بدورها، حلت قطر في المرتبة الخامسة بين الدول المشمولة في التقرير فيما يخص معياري الاستخدام الرسمي وانتشار البراعة لدى المستخدمين، بل إن تقنية المعلومات والاتصالات منتشرة حتى بين العمالة الوافدة والذين بدورهم يشكلون أكثرية القوى العاملة والسكان في قطر، لكن كما هو الحال مع الإمارات، يأتي ترتيب قطر في مرتبة متأخرة بالنسبة لكلفة التقنية عبر حلولها في المرتبة 126 عالميا.بدورها، تتقدم البحرين في بعض مجالات تقنية المعلومات، حيث حلت في المرتبة رقم 14 دوليا على المؤشر الفرعي للجهوزية بالنسبة للتغلغل التقني لدى الأفراد، الأمر الذي يعكس مدى توافر الخدمات. الملاحظ أن المنافسة في قطاع تقنية المعلومات لا تقتصر بين الشركات في مجال الهاتف النقال، بل تمتد للخطوط الثابتة. وربما هذا يفسر جانبا من حلول البحرين في المرتبة 66 بالنسبة لكلفة الحصول على تقنية المعلومات في البحرين مقارنة مع بعض الدول الأخرى في المنظومة الخليجية. في المحصلة، يلاحظ وجود تباين نوعي بين أداء دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر جاهزية الشبكات وخصوصا بين الإمارات والكويت اللتين حلتا في المرتبتين 23 و72 على التوالي. يحتاج الترتيب النسبي المتأخر لبعض دول مجلس التعاون إلى وقفة تأمل ودراسة لدى الجهات الرسمية.مؤكدا، تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي فرصا لتحقيق نتائج أفضل في تقرير تقنية المعلومات العالمي، لكن يتطلب الأمر الالتزام بالتطوير المستمر للبنية التحتية والتشريعات لتقنية المعلومات وخصوصا تقديم مختلف خدمات القطاع العام عبر الحكومة الإلكترونية.