15 أكتوبر 2025
تسجيلبينما كانت قلوب المسلمين تنوح وتتصدع ألماً لمجزرة المسجدين بنيوزيلندا، كان علماء دين، وعلمانيون، وإعلاميون طبالون، يتراقصون على أشلاء ودماء أشقائنا الذين استشهدوا فيها، بلا خجل من الله تعالى، ولا حياء من الناس. هؤلاء الفارغو النفوس من الإيمان الحقيقي، المسطحو التفكير، العاجزون عن إدراك مدى ضآلة حجومهم وتأثيرهم، هم الذين حملوا مباخر النفاق لكل طاغية مستبد في أمتنا، ورفعوا ألوية التصهين في أوطاننا، وتوهموا أنهم قادرون على تحطيم إرادة الأمة، وسلخها عن عقيدتها، وإلهائها عن قضاياها. وفيما يلي، سنناقش أبرز الجوانب التي كشفتها المجزرة. 1) العداء لتركيا: فعلى الرشاشين اللذين استخدمهما الإرهابي الأسترالي، كُتبت تواريخ لها دلالات دينية صليبية، وعبارات فيها تهديد لتركيا وأردوغان. والسؤال هنا: لماذا تركيا؟ ولماذا أردوغان؟. والجواب هو لأن تركيا، خلال سبعة عشر عاماً من حكم حزب العدالة والتنمية، استطاعت أن تصبح مركز قيادة العالم الإسلامي، وأصبحت سياساتها الخارجية وخطابها السياسي يحركان الشارعين العربي والإسلامي. فهي نموذج يعيد إلى أذهان الصليبيين الجدد في الغرب مواجع انكساراتهم في الثلاثمائة سنة الأولى من الدولة العثمانية، فصارت هدفاً لهم لأنهم لا يريدون أن يُبعث الأمل في المسلمين، وإنما يريدون النموذج السياسي الإماراتي الذي يعادي أمته، ويسعى جاهداً لتحطيم أي مركز حضاري ناهض في العالمين العربي والإسلامي. إن تركيا الديمقراطية الملتزمة بأمتها وقضاياها هي عدو لكل صليبي معاصر، وللصهاينة والمتصهينين. 2) المتصهينون العرب: كلما خرج السيسي، رئيس النظام الانقلابي في مصر، في مقابلات مع قنوات تلفزيونية غربية، أو في مؤتمراته الاحتفالية الفارغة التي لا يكل ولا يمل من عقدها في مصر، فإن حديثه الأثير هو عن الإرهاب الإسلامي، ووجوب التشديد على المسلمين في أوروبا، وكأنه قسيس صليبي من القرن التاسع الميلادي يحشد الرعاع لغزو العالم الإسلامي، أو كأنه بابا الكنيسة الكاثوليكية، بعد سقوط الأندلس، الذي بارك جرائم محاكم التفتيش الفظيعة والهائلة ضد المسلمين في إسبانيا. فماذا ننتظر من الغرب والشرق وهما يريان عرضاً عسكرياً مصرياً قام الجنود المشاركون فيه بمهاجمة نموذج ضخم لمسجد تحت مسمى مقاومة الإرهاب؟. وماذا ننتظر منهما وهما يسمعان سيسي مصر يقول إن المسلمين يريدون قتل جميع البشر ليعيشوا وحدهم في الدنيا؟. لقد خدم النظام الإنقلابي الصهاينة والصليبيين الجدد، وبرر لهم جرائمهم ضد المسلمين. 3) الوهم الإمبراطوري الإماراتي: منذ انطلاقة الربيع العربي، سنة 2011م، والقيادة الإماراتية تلعب الدور الأعظم في شرذمة العالم العربي سعياً وراء أوهام إقامة إمبراطورية ضعيفة تابعة للكيان الصهيوني تكون أبوظبي مركز اتخاذ القرار فيها. ولأنها تدرك أن أوهامها لن تتحقق إلا برضا الغرب والكيان الصهيوني، فإنها أخذت تلعب على الوتر الذي يلامس هواهما، وهو الوتر الخاص بالإرهاب الإسلامي. ووصل الأمر إلى توجيه وزير الخارجية الإماراتي دعوة للدول الأوروبية بالتشديد على المسلمين فيها لأنهم يشكلون الجزء الأعظم من الإرهابيين (!!!). أما الأمر الأشد هولاً، فهو الحرب الشعواء التي يشنها أقزام كوسيم يوسف شحادة، بتوجيه من تلك القيادة، ضد السنة النبوية التي نستقيها من أمهات كتب العقيدة الإسلامية كصحيح البخاري وصحيح مسلم، تحت دعاوى تجديد الخطاب الديني. وهذه الدعاوى، أصبحت كالأخطبوط الذي يمد أذرعه ليسمم روح العقيدة في مصر وسواها من الدول المنكوبة بالتدخلات الإماراتية في شؤونها. 4) علماء الحرمين: كنا ننتظر من السديس أن يبكينا ألماً على ضحايا المجزرة الإرهابية، كما كان يفعل بنا في صلوات شهر رمضان المبارك قبل سنوات من انكشاف الأقنعة. لكنه اكتفى بتغريدة جوفاء لا روح فيها. ونحن، المسلمين في العالم، نسأله إن كان هو وعلماء بلاد الحرمين يمثلوننا ويمثلون عقيدتنا، أم هم موظفون ملتزمون بسياسات بلادهم؟. إنهم يؤذوننا بمواقفهم الباهتة في كل قضايا أمتنا، ونتمنى لو كانوا يمتلكون شجاعة إيمانية تدفعهم ليستأسدوا في خطابهم نصرةً لفلسطين ولكل المسلمين كما استأسدوا على بلادنا منذ حصارها. ◄ كلمة أخيرة: أمتنا حية لن تموت، لأن الله مولاها وناصرها. [email protected]