18 سبتمبر 2025
تسجيلنجحت تونس في قيادة ثورات الربيع العربي، كما نجحت في مرحلة الانتقال الديمقراطي، واستيعاب كل التوجهات من اليسارية والقومية والإسلامية، وضربت مثلا فريدا في إمكانية نجاح الديمقراطية في عالمنا العربي، بعكس ما تروج الأنظمة العسكرية التي تزعم أن الشعوب العربية غير مؤهلة بعد للديمقراطية، ما يعد وجها آخر لتكريس الاستبداد واستعباد الشعوب وأداة استعمارية جديدة. لقد سعى التونسيون لحماية مكتسبات الثورة عبر الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية، وتغاضوا بحق عن الخلفيات السياسية وكانت هذه نقطة قوة وحدت كل القوى دفاعا عن العملية الديمقراطية.وشكل التفاهم بين "نداء تونس" و"النهضة" مرحلة متقدمة من التناغم رغم اختلاف التوجه السياسي ساعد بدرجة كبيرة على تخطي مصير ثورات الربيع العربي في دول أخرى كمصر أو اليمن فضلا عن سوريا؛ لذا فإن تونس قادرة على قيادة ثورات الربيع أيضا بنجاح، كما كانت مهد هذه الثورات.إن ما تعرضت له من تونس من عمل إرهابي يشكل خنجرا يراد به عرقلة المسيرة الديمقراطية الناجحة بعدما تخطت عقبات كأداء، ينبغي عليها ألا تلتفت إليه، وتوحد جبهتها الداخلية، إذ إن هذه الوحدة هي الضمان الأكيد لتجاوز كل العقبات الحالية والمستقبلية. ولا شك أن هذا الإرهاب الجبان لا دين له ولا عقل، قام به شباب وصفهم الغنوشي بأنهم "لم يفهموا من الدين إلا العنف، وهم بذلك ضد إرادة الله في العدل، وضد إرادة الله في الوحدة"، كما أن هذه لحظة فارقة على التونسيين جميعا استغلالها في بناء جدار منيع ضد هذه الأفكار أولا وضد هذه الأعمال الإرهابية ثانيا.إن استنكار قطر لهذا العمل الإجرامي يأتي من ثوابت الدولة في سياستها والتي تتلخص في الوقوف بحزم ضد الإرهاب بكافة أشكاله ومصادره ومحاربته على شتى الأصعدة السياسية والثقافية والاقتصادية، وثاني هذه الثوابت هو وقوف الدولة بكل قوة مع ثورات الربيع العربي ودعمها بكل أشكال الدعم باعتبارها خيارات الشعوب لا الأنظمة لإقامة الحرية والعدل.إن تونس كما كانت مهد ثورات الربيع العربي فهي المؤهلة لقيادتها إلى النجاح والانتقال نحو الديمقراطية، ومؤهلة لهزيمة الإرهاب الذي لا علاقة له بالدين ولا بالوطنية وإنما هو شكل من أشكال الاستعمار والتسلط.