14 سبتمبر 2025
تسجيلكل ما نقوم به لا يكون عبثاً؛ لأنه قدر من يفعله، ومن المُقدر بأن يكون له ولكل من قُدر بأن يكون له أيضاً، وهو ما يعني أننا وإن قمنا بفعل ما نحسبه لن يُحسب، فهو على العكس تماماً؛ لأنه ما سيُحسب علينا، وسنُحاسب عليه حين يكون الحساب ويوم يكون، وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. حقيقة فلقد بدأت بهذه الحقيقة هذا اليوم؛ لأننا نحتاج بين الحين والآخر لمن يُذكرنا بها؛ كي نفكر ملياً بكل أفعالنا، التي يمكن أن يكون منها ما سيجرح أو سيُفرح، أو ما سيترك في النفس حزناً لن يبرح مكانه، وسيظل حيث هو أي وسط قلب القلب، حتى يأتي ما يخفف عنه من مواقف جديدة تضيف جديداً عليها وعلينا، أو من يخفف عنا ذلك، بكلمة طيبة تحمل في جوفها الكثير من التقدير، وبتشجيع دافئ يبث في القلوب العزم، ويمدها بكثير من السكينة؛ كي ننهض من جديد، ونعود كما كنا بل وأقوى مما كنا عليه من قبل، وهو ما لا يعني أنه لا يجدر بنا أن نستفيد من كل ما نتعرض له وإن ترك ذاك الأثر الغائر في النفس، بل على العكس تماماً، حيث يجدر بنا أن نأخذ بكل ضرر يقع علينا؛ كي ندرسه جيداً وندركه بشكل يجعلنا نخرج منه بفائدة تُذكر، تجعلنا أكثر دراية بما يتوجب علينا فعله في مراحل لاحقة في الحياة، وهو كل ما سيجعلنا نتمتع بحكمةٍ تكُبر مع مرور الوقت؛ لنجد بأننا قد حصدنا منها الشيء الكثير الذي يحتاج لتجارب حقيقية؛ كي تكون.. الحياة عملية مشتركة تحتاج لتكاتف كل الأطراف المعنية، فهي بينك وبين الآخر، الذي تحتاجه؛ كي تكون حياتك، ويحتاجك؛ كي تكون حياته هو؛ لأنك وإن ملكت من القدرات ما تحسب أنه ما يكفي؛ كي تنجح وتكون، إلا أن ذلك لا يعني أنك ستجد ضالتك بغياب الآخر عنك، والعكس وارد وصحيح، فما تفعله ويخرج منك يحتاج إلى مستقر يستقر فيه، وما يأتي إليك سبق وأن خرج من غيرك، وشق طريقه نحوك حتى وجدك، فكان لك، وهو ما يعني أن هذه العملية تقوم على علاقة عكسية لا يمكن أن تكون إن لم تكن أنت والآخر.. لكل واحد منا دوره في هذه الحياة، والقيام بما علينا من أدوار مَهَمَّة نقوم بها وبشكل فردي، حتى وإن فرضت علينا الحاجة ضرورة البحث عن كل من يمكن أن يقدم لنا مساعدة ستفي الغرض متى فاح منها عبير (الحرفية)، التي ترفع من جودة ما نقوم به، ونحرص على تقديمه للآخرين، فهي سنة الحياة التي نعيشها بأن نفعل ذلك، وإن داهمتنا تلك المشاعر السلبية التي تجعلنا نبحث عن مقابل لابد وأن يقابل كل ما نقوم به، وإلا فلن نتابع؛ لأننا لم نجد ما يحثنا على ذلك، حيث إن التقدير هو المُحرك الخفي الذي يُحرك عجلة (العطاء)، الذي يغذي متطلبات مجتمعنا، ويُشبع حاجاته التي يقوم عليها، مما يعني أن كل ما نحتاجه ومن جديد؛ كي نقوم بما علينا هو (التقدير)، الذي يملك القدرة على تغيير ملامح المجتمع متى توافر وبصدق في كل مجالات، دون أن يُعرف ويؤخذ به في مكان دون أن يجد مكانته في غيره من الأماكن، كما هو حاصل وللأسف مع الكثير ممن يملكون طاقات جميلة، وقدرات رائعة، ولكن وجودهم وسط من لا يقدر إبداعهم يجعل التراجع يلتهمهم فلا يقف حتى يجد منهم ما يردعه ويمنعه عن فعل ذلك، وهو ما يجدر أن يكون معهم ومع كل من يملك منا إبداعات حقيقية تبحث عن النور؛ كي تُكشف وتُعرف، ويمكننا من بعدها أن نكون أو لا نكون. لا يُعقل أن يكون العمل الذي نقوم به في حياتنا من أجل العائد المادي فحسب؛ لأنه وإن كان لماتت مشاعرنا ونحن نقوم به، ولخلت بالتالي من الحياة، فبدت عملية جداً ودون أن يغلب عليها أي شيء منا؛ لتتميز به، ونتميز بها وفي المقابل، وهو ما سيجعلنا نقدم ونأخذ ما لن نشعر بقيمته، والسؤال الذي يفرض علينا نفسه في هذه اللحظة: ما الذي يجبرنا على ذلك أصلاً؟ وهو السؤال الذي ستكون إجابته كالتالي: لا شيء يمكن أن يجبرك على القيام بعمل لا تتلذذ به؛ لتقدمه لغيرك وهو كوجبة باردة لا فائدة منها، وذلك لأن ما ستقدمه بهذه الطريقة سيصل إليك كذلك، وسيظل بالنسبة لك كذلك، حتى تدرك كيف تقدمه بشكل يُرضي الله ويُسعدك.. تكون الأعمال ممتدة بين من يقوم بها ويقدمها، وبين من يتوقعها وتُقدم له، وكي تأتي بالشكل الذي يُرضي الجميع، فلابد وأن تُقيّم الجهود وتُقدر بين الحين والآخر، من خلال توجيه كلمات طيبة لها مفعول السحر الذي يُلطف ويخفف ويجعلك تدهس كل مخاوفك من تلك العقبات التي يمكن أن تواجهك؛ كي تُواصل ما قد بدأته من أعمال، ستضيف الكثير عليك وعلى من حولك. همسة أخيرة حين نتحدث عن التقدير فنحن لا نتحدث عن ذاك (التقدير)، الذي يتوجب عليه أن يكون من أصحاب المناصب والسلطة فحسب، بل من كل مدير يدرك كيف يُدير حياته ويوجهها نحو الأفضل؛ ليفعل مع غيره وبه، وعليه فلتكن مديراً يدرك تماماً كيف يدير الأعمال التي تبدأ بتوجيه القليل من التقدير لكل من يستحقه، فننعم بحياة لا تخلو من النعم، أي تلك التي نبحث عنها ونحتاج إليها كل الوقت؛ كي نعطي أكثر، ولنفكر من قبل أن نبحث عن التقدير لكل ما نقوم به بكل ما نقوم به، ونسأل هل يستحق أن يكون منا؛ ليُنسب إلينا أصلا؟