28 أكتوبر 2025
تسجيلكيف يتم التحول الديمقراطي في العالم العربي؟ وهل الدول الريعية تقف عائقا نحو الانتقال إلى نظام الحكم (Transition to Democracy) أو تعرقل عملية التحول الديمقراطي (Democratic Transformation)، وهل هناك استثناء؟! "الدولة الريعية" هي تلك التي تعتمد بمعظم صادراتها وتمويل ميزانياتها العامة على تصدير النفط، إضافة لذلك تمتلك أو تسيطر الدولة فيها على معظم العوائد النفطية كما يعرفها علي خضير في كتابه. ولقد أُقيمت في هذه الدولة -مثل دول الخليج وليبيا أو غيرها من الدول الريعية- آليات لاستخدام الريع النفطي في مكافأة الولاء وفي الحرمان منه، واستخدام العنف في معاقبة المعارضة لغرض استمرار نظام الحكم والتحالفات السياسية والاجتماعية المساندة له. التعريفات واختلافاتها متداولة منذ عصر الاستقلال وتكوين الدول العربية والخليجية؟ لكن حتى في مرحلة ما بعد انفجار الانتفاضات في بلدان العالم العربي، لا يبدو أن المشهد تغير كثيرا في المفهوم والتطبيق، لذلك عوضا عن الهجوم والإدانة ولعن الظلام والواقع المزري، بات من الضروري إيقاد الشموع والبحث عن حلول تشكل أرضية يمكن البناء عليها. الديمقراطية كما علمتنا تجربة دول "الربيع العربي"، ليست مفتاحاً سحرياً لحل جميع المشكلات المزمنة، فهي نفسها بحاجة إلى مفتاح، أو لعل بابها لا ينفتح إلا بعد أن تكون جميع الأبواب الأخرى قد فتحت أو بالتوقيت معها على الأقل كما يشير جورج طرابيشي، والذي يركز على شرط الحامل ﺍلاجتماعي للديمقراطية من خلال تفعيل الثقافة الديمقراطية قبل آلياتها، صندوق الرأس قبل صندوق الاقتراع. المعركة الحقيقية تتمثل في مواجهة ثقافة الاقتصاد، حيث يتم اعتماد التحديث وبناء المعرفة والاستثمار في التعليم العالي ورفع مستوى الوعي والفكر مما سيؤدي في نهاية المطاف الى زيادة المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لقد كانت لنا عبرة في صناديق الاقتراع في دول "الربيع العربي" التي لم تكن تعبر عن أطياف المجتمع المختلفة، وكانت إدارة الدولة تعتمد على الإقصاء ونفي الآخر والاستحواذ على السلطة والانفراد بالحكم والقرارات السياسية لخدمة أفراد وجماعة معينة، وفي نهاية المطاف كان الانقلاب وعاد العسكر وأصحاب الفساد للسلطة مرة أخرى! ان الدرس الذي تعلمناه خلال السنوات الماضية من انطلاقة قطار الانتفاضات العربية أن الثقافة الديمقراطية يجب أن تأتي قبل الصندوق دائماً وليس أحياناً!!