03 نوفمبر 2025

تسجيل

المنظومة الخليجية في تقرير"هيريتاج" حول الحرية الاقتصادية

19 يناير 2014

مع بعض الاستثناءات، حصل نوع من التراجع في أداء وترتيب دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2014 ومصدره مؤسسة (هيريتاج فاونديشن) وصحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكيتين. باختصار، تمكنت السعودية من تعزيز ترتيبها عبر التقدم بخمس مراحل أي الأفضل خليجيا وصولا للمرحلة رقم 77 عالميا.. في المقابل، تعرض ترتيب الكويت لنكسة بدليل تراجع ترتيبها بواقع 10 مواقع وعليه حلولها في المرتبة 76 دوليا، وهذا يعني حلول الكويت قبل السعودية بمرتبة واحدة. يعتمد المؤشر على عشرة متغيرات تنصب في مجال الحرية الاقتصادية وهي: 1) تأسيس الأعمال.. 2) التجارة الدولية.. 3) السياسة النقدية مثل مستوى الضرائب والاقتراض الحكومي.. 4) السياسة المالية مثل السيولة ومعدلات الفائدة.. 5) مدى تدخل الحكومة في الاقتصاد.. 6) الاستثمارات الأجنبية.. 7) النظام المصرفي والتمويل.. 8) حقوق الملكية.. 9) الفساد المالي والإداري.. 10) الحرية في توظيف وتسريح العمال. تحصل الاقتصادات المشمولة في التقرير على 10 نقاط بالنسبة لكل متغير، وبالتالي إمكانية جمع 100 درجة كحد أقصى، وتبين من خلال تصنيف نتائج 2014 استمرار تربع كل من هونج كونج وسنغافورة على مؤشر الحرية الاقتصادية، وهو أمر متوقع في كل حال من الأحوال.تؤمن كل من مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة وول ستريت جورنال، ذات التوجهات المحافظة، بضرورة تحييد دور الحكومة في الشؤون الاقتصادية وجعلها تهتم بأمور مثل إصدار القوانين وضمان تطبيقها على الجميع دونما تفاضل وهي صفة تستحق التأييد.. وعليه يقتضي الصواب منح مؤسسات القطاع الخاص دورا محوريا في الاقتصادات المحلية كونها تهتم بتحقيق أرباح مما يعني بالضرورة منح الزبائن قيمة مقابل أموالهم، الأمر الذي يخدم الدورة الاقتصادية في نهاية المطاف. بنظرة تأملية، يمكن رصد مجموعة من الملاحظات حول ما طرأ من تغييرات بالنسبة لأداء دول مجلس التعاون على التقرير الأخير. فقد تراجع ترتيب البحرين مرتبة واحدة إلى المرتبة رقم 13 دوليا.. فمهما يكن من أمر، واصلت البحرين الاستحواذ على أفضل ترتيب في المنظومة الخليجية بل بين الدول العربية قاطبة والشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصورة أعم، وكانت البحرين قد احتفظت بترتيبها الدولي رقم 12 على المستوى العالمي في عامي 2013 و2012. يرتبط المأخذ الجديد على البحرين بمعضلة محاربة الفساد المالي والإداري خصوصا ما يرتبط بالحديث حول حصول أخطاء من جانب أنشطة شركة (ألبا) الرائدة في مجال تصدير الألمونيوم. ففي نهاية العام 2013 انتشر خبر قيام أطراف كانت مرتبطة بالشركة سلفا للإدلاء بشهاداتهم لدى القضاء البريطاني وسط مزاعم بتقديم عمولات للحصول على مزايا. وقد وصل الأمر بقيام شركة (ألكوا) الأمريكية بدفع نحو 400 مليون دولار للحكومة الأمريكية لتسوية قضية جنائية مرفوعة في المحاكم الأمريكية تتعلق بتقديم رشاوى في إطار التعامل مع شركة (ألبا) البحرينية. من جهة أخرى، حافظت الإمارات على موقعها الدولي عند المرتبة 28 من خلال تعزيز نسبي لعدد النقاط في 3 مجالات وتحديدا حرية انتقال العمالة والحرية التجارية وحرية السياسة المالية. يعود الأخير لظاهرة عدم حصول ارتفاع بالنسبة لمعدلات الفائدة والتضخم على حد سواء الأمر الذي يعزز من الحرية الاقتصادية، وذلك من خلال التأكيد على المنافسة على مبادئ الجودة والخدمة. وفي هذا الإطار، حلت الإمارات محل قطر كصاحبة ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية قاطبة، وللأسف، تراجع ترتيب قطر بواقع ثلاث مراتب وعليه حلت في المرتبة 30 دوليا، ويعود الأمر بشكل جزئي لمسألة ارتفاع عدد الاقتصادات المشمولة في التقرير السنوي من 174 إلى 178 ما بين العامين 2013 و2014. الأمر الآخر عبارة عن تعزيز دور القطاع العام في الاقتصاد كنتيجة متوقعة بالنظر للنفقات المرتبطة باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022، وذلك للمرة الأولى في العالم العربي، ويوجد توقع يفترض قيام الحكومة بصرف قرابة 30 مليار دولار في العام 2014 فقط على مشاريع البنية التحتية مثل القطارات وشبكة الطرق.وكما هو الحال مع قطر، فقد تراجع ترتيب عمان 3 مراتب إلى المرتبة رقم 48 دوليا بالنظر لحصول انخفاض نسبي لحجم النقاط على خلفية تعزيز دور القطاع العام في الاقتصاد المحلي مما يعني مزاحمة مؤسسات القطاع الخاص، ويمكن تفهم السبب والذي يعود لظاهرة نمو قيمة النفقات الحكومية في السنوات الأخيرة، وذلك في إطار رغبة السلطات بمعالجة جانب من الأسباب التي أدت لظهور مظاهرات بداية 2011 مطالبة بتوفير فرص عمل مناسبة للمواطنين من جملة أمور أخرى.في المجموع، يمكن الزعم بأن التقرير واصل سياسة منح درجات غير منصفة لغالبية أعضاء مجلس التعاون وذلك من خلال توزيع الدول الست على تصنيفين وبشكل متساوٍ على النحو التالي: البحرين والإمارات وقطر كاقتصادات شبه حرة، واقتصادات من جهة عمان والكويت والسعودية في خانة الاقتصادات الحرة بصورة معتدلة أو متوسطة من جهة أخرى. أيضا، من غير المنطقي الزعم بوجود فرق شاسع بين مستوى الحرية الاقتصادية في البحرين مع كل من الإمارات وقطر في ظل وجود الكثير من الصفات المشتركة بين هذه الاقتصادات. ينطبق هذا الكلام بالنسبة لجانب كبير من متغيرات التقرير، مثل عدم وجود ضرائب على الدخل والأرباح وتحاشي فرض نسب الفائدة على المؤسسات المالية فضلا عن الانفتاح فيما يخص التجارة الدولية. لكن يمكن تفهم المأخذ الرئيسي على اقتصادات دول مجلس التعاون والذي هو عبارة عن عدم محاربة أوجه الفساد المالي والإداري بصورة مستدامة.. وفي هذا الصدد، يوجد حديث متكرر حول خضوع السلطة القضائية لنفوذ سياسي من قبل أطراف في السلطة، يشكل تطبيق القانون ركيزة أساسية بالنسبة لمعايير مؤشر الحرية الاقتصادية.